قصة صالح عليه الصلاة والسلام وما يؤخذ منها 2024.

قصة صالح عليه الصلاة والسلام
كانت ثمود – وهي عاد الثانية – يسكنون في الحجر وما حولها ، وكانوا أهل مواش كثيرة وأهل حرث وزروع ، وتواصلت عليهم النعم فكانوا يتخذون من السهول قصورا مزخرفة ، ومن الجبال بيوتا منحوتة متقنة ، فبطروا النعم وكفروها ، وعبدوا غير الله ، فأرسل الله إليهم أخاهم صالحا من قبيلتهم ، يعرفون نسبه وحسبه ، وفضله وكماله ، وصدقه وأمانته ، فدعاهم إلى الله والى إخلاص الدين له ، وترك ما كانوا يعبدون من دونه ، وذكرهم بنعم الله وبأيامه بالأمم المجاورة لهم ، فلم يتبعه إلا القليل .
وحين ذكرهم وأقام الأدلة والبراهين على وجوب توحيد الله اشمأزوا ونفروا واستكبروا وقالوا :
يا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا [هود : 62] .
أي : قد كنا قد تخايلنا فيك أن تفضلنا جميعا لكمالك وكمال أخلاقك ، وآدابك الطيبة .
وهذا اعتراف منهم له بهذه الأمور قبل أن يقول ما قال ، فما نزله عن هذه المرتبة عندهم إلا أنه دعاهم إلى عبادة الخالق من عبادة العبيد ، وإلى السعادة الأبدية ، وما ذنبه إلا أنه خالف آباءهم الضالين ، وهم كانوا أضل منهم ، ثم أقام لهم بينة عظيمة وبرهانا ونعمة على جميع القبيلة بأسرها ، وقال : هذه ناقة الله – التي لا يشبهها شيء من النوق في ذاتها وشرفها ومنافعها لكم – آية على صدقي وعلى سعة رحمة ربكم ، فذروها تأكل في أرض الله ، على الله رزقها ، ولكم نفعها ، ترد الماء يوما فترد القبيلة بأسرها على ضرعها ، كل يصدر عن ضرعها قد ملأ آنيته ، ثم تردون أنتم في اليوم الثاني ، فمكثت على هذا ما شاء الله .
وكان في مدينتهم تسعة رهط من شياطينهم قد قاوموا ما جاء به صالح أشد المقاومة ، يصدون عن سبيل الله ، ويفسدون في الأرض ولا يصلحون ، وكان صالح قد حذرهم من عقر الناقة لما رأى من كبرهم وردهم الحق ، فأول ما فعل أولئك الملأ الأشرار أن عقدوا مجلسا عاما ليتفقوا على عقر الناقة ، فاتفقوا ، فانتدب لذلك أشقى القبيلة ، ولهذا قال الله تعالى :
إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا [الشمس : 12] .
أي : بعد اتفاقهم وندبهم إياه بعثوه لذلك ، فانبعث واستعد وتكفل لهم بعقرها ، وهم جميعهم راضون بل آمرون ، فعقرها فكان هذا العقر مؤذنا بهلاك القبيلة بأسرها .
فلما شعر صالح بالأمر ، ورأى منظرا فظيعا علم أن العذاب قد تحتم لا محالة ؛ لأن الجريمة قد تفاقمت ، ولم يبق حالة يرجى فيها لهم تقويم ، فقال لهم صالح : تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ، ذلك وعد غير مكذوب ، ونبه بهذا الكلام دانيهم وقاصيهم ، ففي أثناء هذه المدة اتفق هؤلاء الرهط التسعة على أمر أغلظ من عقر الناقة ، على قتل نبيهم صالح ، وتعاهدوا وتعاقدوا وحلفوا الأيمان المغلظة ، وكتموا أمرهم خشية من منع أهل بيته ، لأنه في بيت عز وشرف ، وقالوا : لنبيتنه وأهله ، ثم إذا ظن بنا أننا قتلناه حلفنا لأوليائه أننا ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ، فدبروا هذا المكر العظيم ، ولكنهم يمكرون ويمكر الله لنبيه صالح ، فحين كمنوا في أصل جبل لينظروا الفرصة في صالح بدأ الله بعقوبتهم ، فكانوا سلفا مقدَّما لقومهم إلى نار جهنم ، فأرسل الله صخرة من أعلى الجبل فشدختهم وقتلوا أشنع قتلة ، ثم لما تمت ثلاثة هذه الأيام جاءتهم صيحة من فوقهم ، ورجفة من أسفل منهم ، فأصبحوا خامدين ، ونجى الله صالحا ومن معه من المؤمنين ، وتولى عنهم وقال :
يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ [الأعراف : 79] .
* فوائد تتعلق بهذه القصة :
منها : أن جميع الأنبياء دعوتهم واحدة ، وأن من كذَّب واحدا منهم فقد كذَّب الجميع ، لأنه يكذِّب الحق الذي جاء به كل واحد منهم ، ولهذا يقول في كل قصة : كذبت قوم نوح المرسلين ، كذبت عاد المرسلين ، كذبت هود المرسلين .
ومنها : أن عقوبات الله للأمم الطاغية عند تناهي طغيانها وتفاقم جرائمها ، فكُفرهم وتكذيبهم موجب للهلاك ، ولكن تحتم الإهلاك عند تناهي إجرامهم ؛ لأن الله تعالى بالمرصاد فيمهل ثم يمهل حتى إذا أخذهم ، أخذهم أخذ عزيز مقتدر .
ومنها : أن العقائد الباطلة الراسخة المأخوذة عمن يحسن بهم الظن من آباء أو غيرهم من أكبر الموانع لقبول الحق ، والحال أنها ليست في العير ولا في النفير ، ولا لها مقام في الحجج الصحيحة الدالَّة على الحقائق ، فلهذا أكبر ما رد به قوم صالح لدعوته أن قالوا : أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا ، وقالت جميع الأمم المكذبة رادِّين لدعوة الرسل :
إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف : 23] .
وهذا سبيل لا يزال معمورا بالسالكين من أهل الباطل ، نهجته الشياطين ليصدوا به العباد عن سبيل الله ، ومن المعلوم أن طريق الرسل هي طريق الهدى والحق ، فماذا بعد الحق إلا الضلال .
منقول من كتاب تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير الأحكام العلامةعبدالرحمن السعدي رحمه الله

مشكووووووووووور خوي على الموضوووووووع…
يزاااااك الله خييير ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Scroll to Top