ومن عقوباتها أنها تطفئ من القلب نار الغيرة التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية . 2024.

:: فصــــــــل ::
ومن عقوباتها ( أي الذنوب والمعاصي ) أنها تطفئ من القلب نار الغيرة التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية حياة جميع البدن ؛ فإن الغيرة حرارته وناره التي تخرج ما فيه من الخبث والصفات المذمومة كما يخرج الكير خبث الذهب والفضة , والحديث : ( أشرف الناس وأعلاهم قدراً وهمة أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس ) , ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أغير الخلق على الأمة والله سبحانه أشد غيرة منه كما ثبت في الصحيح عنه أنه قال : ( أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني ) وفي الصحيح أيضا عنه أنه قال في خطبة الكسوف : ( يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمَته ) وفي الصحيح أيضا عنه أنه قال : ( لا أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ولا أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك أثنى على نفسه ) فجمع في هذا الحديث بين الغيرة التي أصلها كراهة القبائح وبغضها وبين محبة العذر الذي يوجب كمال العدل والرحمة والإحسان والله سبحانه مع شدة غيرته يحب إن يعتذر إليه عبده ويقبل عذر من اعتذر إليه وإنه لا يؤاخذ عبده بارتكاب ما يغار من ارتكابه حتى يعذر إليهم ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه إعذارا وإنذارا وهذا غاية المجد والإحسان ونهاية الكمال فإن كثيرا ممن تشتد غيرته من المخلوقين تحمله شدة الغيرة على سرعة الإيقاع والعقوبة من غير إعذار منه ومن غير قبول العذر ممن اعتذر إليه بل قد يكون له في نفس الأمر عذر ولا تدعه شدة الغيرة أن يقبل عذره وكثير ممن تقبل المعاذير يحمله على قبولها قلة الغيرة حتى يتوسع في طريق المعاذير ويرى عذرا ما ليس بعذر حتى يعذر كثير منهم بالعذر وكل منهما غير ممدوح على الإطلاق , وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن من الغيرة ما يحبها الله ومنها ما يبغضها الله فالتي يبغضها الله الغيرة من غير ريبة ) وذكر الحديث ؛ وإنما الممدوح اقتران الغيرة بالعذر فيغار في محل الغيرة ويعذر في موضع العذر , ومن كان هكذا فهو الممدوح حقا , ولما جمع سبحانه صفات الكمال كلها كان أحق بالمدح من كل أحد ولا يبلغ أحد أن يمدحه كما ينبغي له بل هو كما مدح نفسه وأثنى على نفسه ؛ فالغيور قد وافق ربه سبحانه في صفة من صفاته ومن وافق الله في صفه من صفاته قادته تلك الصفة إليه بزمامه وأدخلته على ربه وأدنته منه وقربته من رحمته وصيرته محبوبا له ؛ فإنه سبحانه رحيم يحب الرحماء كريم يحب الكرماء عليم يحب العلماء قوي يحب المؤمن القوي وهو أحب إليه من المؤمن الضعيف حيي يحب أهل الحياء جميل يحب أهل الجمال وتر يحب أهل الوتر ولو لم يكن في الذنوب والمعاصي إلا أنها توجب لصاحبها ضد هذه الصفات وتمنعه من الاتصاف بها لكفى بها عقوبة ؛ فإن الخطر ينقلب وسوسة , والوسوسة تصير إرادة , والإرادة تقوى فتصير عزيمة , ثم تصير فعلا , ثم تصير صفة لازمة وهيئة ثابتة راسخة ؛ وحينئذ يتعذر الخروج منهما كما يتعذر عليه الخروج من صفاته القائمة به , والمقصود أنه كلما اشتدت ملابسته للذنوب أخرجت من قلبه الغيرة على نفسه وأهله وعموم الناس وقد تضعف في القلب حدا لا يستقبح بعد ذلك القبيح لا من نفسه ولا من غيره وإذا وصل إلى هذا الحد فقد دخل في باب الهلاك وكثير من هؤلاء لا يقتصر على عدم الاستقباح بل يحسن الفواحش والظلم لغيره ويزينه له ويدعوه إليه ويحثه عليه ويسعى له في تحصيله ولهذا كان الدَّيـُّـوث أخبث خلق الله والجنة عليه حرام وكذلك محلل الظلم والبغي لغيره ومزينه لغيره ؛ فانظر ما الذي حملت عليه قلة الغيرة , وهذا يدلك على أن أصل الدين الغيرة ومن لا غيرة له لا دين له ؛ فالغيرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح فتدفع السوء والفواحش وعدم الغيرة تميت القلب فتموت الجوارح ؛ فلا يبقى عندها دفع البتة , ومثل الغيرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلا ولم يجد دافعا فتمكن فكان الهلاك , ومثلها مثل صياصي الجاموس التي تدفع بها عن نفسه وعن ولده فإذا تكسرت طمع فيها عدوه حياء وقال : فديت من لا يفلح والحياء مشتق من الحياة والغيث يسمى حيا بالقطر لأن به حياة الأرض والنبات والدواب , وكذلك سميت بالحياة حياة الدنيا والآخرة ؛ فمن لا حياء فيه ميت في الدنيا شقي في الآخرة , وبين الذنوب وبين قلة الحياء وعدم الغيرة تلازم من الطرفين وكل منهما يستدعي الآخر ويطلبه حثيثا ومن استحى من الله عند معصيته استحى الله من عقوبته يوم يلقاه ومن لم يستح من الله تعالى من معصيته لم يستح الله من عقوبته .
ــــــــــــــــــــــــ
كتاب // الجــــــواب الكافي //
للإمام || ابن القيّــم الجوزيّــة || رحمه الله وغفر له
المصــــدر

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا..يارب
اللهم إنا نستغفرك من جميع الذنوب المعاصي
اللهم ابعدها عنا وثبتنا على دينيك يارب
وجملنا بالحياء والعفاف والغيرة فيك يارب العالمين
آمين ووالدينا وجميع المسلمين يارب
في ميزان حسناتكم ان شاء الله
وفقكم الله دوما لرضاه..تقبلو مروي السموحة
لا إله إلا انت سبحانك إني كنت من الظالمين
في حفظ الرحمن

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،،
اللهم إنا نستغفرك من جميع الذنوب المعاصي
اللهم ابعدها عنا وثبتنا على دينيك يارب
وجملنا بالحياء والعفاف والغيرة فيك يارب العالمين
آمين ووالدينا وجميع المسلمين يارب
اللهم آآمين يارب العالمين ،،
جزاكِ الله خير غاليتي حنين،،
،،
موضوع قيم ومؤثر ،،
نعوذ بالله من المعاصي وفتنها وأثرها الفاسد على النفس وهواها
اللهم إجعلنا غيورين على دينك يارب ،،
،،
جزاك الرحمن خيراً أخي ع الموضوع القيم ،،
وثقل الله به ميزان حسناتك يارب ،،
وأترقب كل جديدك ..
والله يحفظك ..
جزاكما ربي خيرا وبارك فيكما

وفقكما الباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.