130 ألف درهم تعويض عن خطأ طبي

خليجية
جرح بسيط في إبهام يده اليسرى لم يهتم به كثيراً واكتفى بتضميده سريعاً دون تعقيمه، ولكن الجرح التهب وسبب له آلاما أخافته من احتمال تسمم الجرح وإصابته بالغرغرينا، فتوجه إلى قسم الطوارئ في أحد المستشفيات، وهناك بدأت مأساته عندما سأله الطبيب دون أن يفحصه إن كان يعاني من حساسية لأي مركب دوائي فأخبره بانه لم يسبق له التحسس من أي عقار، فقام طبيب الطوارئ بإعطائه دواء مركبا من الكلوكساسيلين والبروفين الذي كان لديه حساسية منه دون أن يعلم.

مر أسبوعان على الواقعة عاد بعدهما إلى نفس المستشفى ولكن هذه المرة كان يعاني من بقع حمراء تنزف دماً من جميع أنحاء جسده بما فيها عيناه وفمه. وعند الكشف عليه شخص الطبيب حالته على انها ناتجة عن إصابته بمرض الجدري ونصحه بالجلوس في المنزل لمدة أسبوع. ولكن حالته ازدادت سوءاً رغم مواظبته على العلاج كما وصفه الطبيب بدقة. فعاد مرة أخرى إلى نفس المستشفى ليشخص طبيب آخر مرضه أيضاً على أنه جدري، بل طلب منه الطبيب ان يبتعد عنه وألا يعود إلى المستشفى حتى لا يعرض الموجودين للعدوى بمرضه.

ولكنه عاد مرة ثالثة لشدة ما أصابه من آلام فتم فحصه من طبيبة ثالثة أكدت نفس التشخيص وأضافت عليه تشخيصها بأنه متعب نفسياً وأوصت له بدواء مهدئ وطالبته بمغادرة المستشفى فوراً. شهر مر على إصابته تغيرت خلاله كل تفاصيل حياته، فقد أصيبت زوجته بالخوف والهلع لسوء الحالة التي أصيب بها ومن منظر الدماء التي كانت تسيل من كل جزء من جسده، كما اضطرت لإبعاد طفلها الوحيد عن والده. أما والداه فقد عاشا أسوأ أيام حياتهما وهما يريان ابنهما ومعيلهما الوحيد الذي لا يزال في ريعان شبابه وهو يذوي أمامهما دون أن يستطيع الأطباء مساعدته. كما أنه توقف عن العمل ولم تصرف له جهة عمله رواتبه وأنذرته بالفصل.

كانت آلامه تشتد يوماً بعد يوم ومعها عذاب كل منهم حوله، إلا ان سقط بينهم مغمى عليه من شدة الألم، فتم نقله إلى المستشفى ذاته حيث تم التأكيد على نفس التشخيص ونقل إلى القسم الباطني وأخطرت هيئة الصحة بوجود إصابة شديدة بمرض الجدري.
وفي التالي تم عرضه على الاستشاري المختص الذي فجر المفاجأة، فالشاب لم يكن أبداً مصابا بمرض الجدري، بل هو مصاب بمرض يعرف باسم "تناذر سيفسن – جونسون" بدرجة شديدة الخطورة، وهو مرض ناتج عن حساسية لدوائي الكلوكساسيلين والبروفين. وقد نجم عن تفاقم الحالة التحسسية إصابة الشاب بمرض السكري وحصى في كليتيه والتصاق عينيه وطنين بأذنيه نتيجة اصابته بالتهاب كافة الغدد الموجودة في جسده.

وبناء على هذا التشخيص تم إعطاؤه مضادا للحساسية ووضعه في العناية المركزة لمدة 20 يوما إلى أن تحسن وغادر المستشفى بجسد قد انتشر في جميع أنحائه بقع بنية تذكره بكل جرح نزف دماً على مدى شهرين كانا الأسوأ في حياته وحياة أسرته.
بعد تمام شفائه تقدم الشاب إلى محكمة العين المدنية طالباً التعويض عن الأضرار الجسدية والنفسية اتي تعرض لها نتيجة خطأ أطباء المستشفى في تشخيص حالته، فأمرت المحكمة بإحالة القضية إلى اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، وجاء التقرير بعدم مسؤولية الطبيب الذي اعطى المدعي الدواء الذي سبب الحساسية لأنه سأله عما إذا كان يعاني من الحساسية، وقد كان بإمكانه أن يقول بأنه لا يعلم إذا كان لديه حساسية وعندها كان سيتم عمل فحص حساسية له، وأضاف التقرير أن الأطباء الذين شخصوا الحالة على انها جدري يتحملون مسؤولية تفاقم حالته إلى الحد الذي وصلت إليه، حيث إنهم لم يتبعوا الأصول الطبية المتعارف عليها للتأكد من تشخيص الحالة. كما أكدت اللجنة ان المدعي لا يزال يعاني من الآثار النفسية الناجمة عن الحالة التي أصيب بها، إضافة إلى وجود بقع بنية في جميع أنحاء جسده.

من جهتها حملت المحكمة المستشفى المسؤولية باعتباره الجهة المسؤولة عن متابعة أداء العاملين لديه، وبناء عليه ألزمته بالتعويض الذي وجدته جابراً للأضرار النفسية والجسدية والمادية التي أصابت المدعي، وقدرت المحكمة هذا التعويض بمبلغ 130 ألف درهم، مع الحكم بعدم مسؤولية الطبيب الذي قدم له العقار المسبب للحالة.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.