الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون والجاحدون وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق المأمون صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم يبعثون أما بعد:
أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله أعز المسلمين بالإسلام فمهما ابتغوا العز من غيره أذلهم الله كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نحن أمة أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العز من غيره أذلنا الله.
كان العرب متفرقين كانوا مستذلين كانوا مستضعفين فلما من الله عليهم بالإسلام أغناهم به من العيلة، وجمعهم به من بعد الفرقة، وأعزهم به بعد الذلة وسودهم على أهل الأرض عربها وعجمها، فلما رأى الكفار والأعداء والمنافقون ذلك غاظهم أشد الغيظ، وحاولوا القضاء على الإسلام من أول ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ولجأوا إلى كل حيلة، ولكن الله سبحانه وتعالي أظهر دينه وأعز رسوله، وانتشر الإسلام رغم أنوفهم في المشارق والمغارب، وعند ذلك أيسوا أن يزيلوا الإسلام من الأرض بالكلية، ولكنهم لجأوا إلى حيل ماكرة يصدون بها عن سبيل الله، ويشككون بها من قل إيمانه وعلمه من أبناء المسلمين وبناتهم كما هو شائع الآن في كثير من وسائل الإعلام من صحافة وإذاعة وتلفاز وغير ذلك ينشرون الشبه والشكوك؛ ليصطادوا بها ضعاف الإيمان من المسلمين حتى يكونوا عونا لهم على هدم دين الإسلام، ولن ينالوا إن شاء الله إلا الذلة والبوار، فما زال الإسلام عزيزا في نفسه واضحا جليا، وإن كان بعض المنتسبين إليه انخدعوا بدعايات عدوهم فهؤلاء لا يضرون إلا أنفسهم، ولا يضرون الإسلام والمسلمين بشيء، والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين (100)} [آل عمران]. ويقول سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين (149) بل الله مولاكم وهو خير الناصرين (150)} [آل عمران].
ومن جملة ما يعبثون به الآن من الأوهام والشكوك قضية المرأة التي جعلوا منها مشكلة، وكونوا منها معضلة، وصاروا ينادون بها في مختلف وسائل الإعلام والمؤتمرات والندوات والمجالس وغير ذلك أطاروا هذه القضية وشغلوا المسلمين بها، وهم يوجهون هذا إلى المرأة في الإسلام، وينسون المرأة في الغرب وما تعيشه من ذلة وهوان واحتقار نسوا هذا وإنما يوجهون سهامهم ضد المرأة المسلمة، لأنهم يعلمون أن المرأة المسلمة هي أساس الأسر فهي سيدة البيت ومربية الأطفال، وهي راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها فإذا أفسدوها فسدت البيوت، وإذا فسدت البيوت فسد المجتمع، ولكن أنى لهم ذلك ولن يستطيعوا بحول الله وقوته، فالمسلمون ليسوا على شك من دينهم، والمرأة المسلمة ليست على شك من وضعها وما تعيشه من الخير والعدالة والكرامة التي لا تعيشها امرأة في الدنيا، فالمرأة المسلمة مطمئنة إلى دينها وإلى مكانتها.
قد يصطادون بعض النساء ضعيفات الإيمان أو مهزوزات الإيمان، أو ضعيفات العقول، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (النساء ناقصات عقل ودين) فربما يصطادون بعض النساء التي انحازت إليهم، وصارت تتكلم بألسنتهم وتروج شبهاتهم، ولكن هذه إنما تخسر نفسها، ولن تضر المرأة المسلمة شيئا ولن تشكك المسلمين في دينهم فهم يحاولون أن يزيلوا الفوارق بين الرجال والنساء في الإسلام؛ لأنه لا فوارق بين الرجال والنساء في مجتمعات الكفر والبهيمية فهم يريدون أن الإسلام يترك للمرأة حريتها لتعيش مثل المرأة في المجتمعات الكافرة المتعفنة، فهم شككوا في الحجاب، وانبرى معهم طائفة يتكلمون من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا يشككون في أمر الحجاب ويقولون إن هذا حجر على المرأة، ومصادرة لحرية المرأة، وإهانة للمرأة، والحجاب فيه خلاف، وما دام فيه خلاف فالمرأة ليست ملزمة به .. يا سبحان الله!
الحجاب في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وفي عمل المسلمين فلا اعتبار للخلاف في هذا؛ لأن الحجة في القرآن والسنة وما عليه عمل المسلمين والواقع الذي تعيشه المرأة المحجبة من العزة والكرامة والاحترام والتوقير في مجتمعها، فلا ننظر إلى تهويلاتهم وارجافاتهم وما يقولونه في أمر الحجاب، فنحن على يقين من ديننا، وكل يلمس فائدة الحجاب وكرامة المرأة المحجبة، وكل يلمس هوان المرأة المتبذلة السافرة المتفسخة، كل يلمس هذا ممن لهم عقول وأفكار فضلا عمن لهم دين وعلم، فالواجب ألا ننخدع بهذه الدعاية الباطلة.
أيضا يطالبون بعمل المرأة، وكأن المرأة معطلة لا تعمل مع أنها تقوم بأجل الأعمال للمجتمع؛ لأنها تقوم بأعمال البيوت تربي الأطفال تهتم بشؤون البيت تحفظ شؤون البيت، فهي راعية في بيتها مسؤولة عن رعيتها، فهي سيدة في بيتها معززة مكرمة، وهي أساس الأسرة الكريمة فكل بيت ملتزم وكل بيت محتشم وكل بيت شريف، فإنه يقوم على امرأة طيبة تقوم بشئونه، وهذا أجل عمل تقوم به المرأة وهو اللائق بها، وهو الذي لا يتنافى مع كرامتها ومنزلتها، أما أنها تخرج إلى الوظائف والاختلاط بالرجال وتسافر وحدها فهذا تعريض لها للفتنة وتحميل لها مالا تحتمله لأنها امرأة ضعيفة ليست كالرجل والله جل وعلا يقول: (وليس الذكر كالأنثى) فالله فاوت بين الرجال والنساء وجعل لكل من الصنفين عملا يليق به، فإذا تخلى عن عمله، وأخذ عمل الآخر ضاع المجتمع وفشلت الأعمال.
هؤلاء الذين ينادون بتوظيف النساء من أجل يتخلين عن الأعمال في بيوتهن ماذا يكون مصير البيت؟ ماذا يكون مصير الأطفال الذين يرمون في الحضانات وفي دور الرعاية ودور التربية الاجتماعية كما يسمونها؟ ماذا ينشأ الأطفال إذا رباهم غير أمهم وغير والدهم؟ وإنما يربون في دور الرعاية كأنهم أيتام أو كأنهم لقطاء ليس لهم آباء شرعيون هذا شيء لا يقره عقل ولا دين، من يقوم بأعمال البيت إذا جاء الرجل وجاء الرجال إلى بيوتهم، ولم يجدوا في البيت ما يوجد في البيوت التي يقوم عليها نساء طيبات لا يجدون طعاما ولا شرابا ولا مأوى ولا سكنا، كأنها بيوت عزاب فتنهدم البيوت بهذا الأمر، ثم أليس هم يستقدمون من النساء والخديمات أكثر من نسائهم ولا يقمن بعمل الأمهات؟!
لو تأتي بعشر خادمات ما تقوم بعمل راعية البيت وأم الأطفال أبدا، ولو قامت بشيء فليس في قلبها شفقة ولا رحمة ولا حنان على أهل البيت، مع ما يترتب على ذلك من الفساد والشرور من جلب النساء الأجنبيات والخديمات كما تعلمون المشاكل التي تحصل في البيوت بسبب هؤلاء النساء الأجنبيات، فهذا كله مما يترتب على إخراج المرأة من بيتها إلى الأعمال التي ليست من اختصاصها ولا تستطيع القيام بها.
والسبب في هذا أن عمل المرأة خارج بيتها فيه طمع دنيوي دراهم، ولذلك نرى الناس أو كثيرا من الناس يلهثون وراء هذه الدراهم ويتركون نساءهم يخرجن إلى هذه الأعمال رغم ما يترتب عليها من الأخطار؛ لأن فيه دراهم ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه الدراهم تكون ثمنا لكرامة المرأة وعزتها ومكانتها، وثمنا لعملها الذي لا يقوم به غيرها.
بالله عليكم أليس كثير من شباب المسلمين الآن المؤهلين بالشهادات العالية معطلون من الأعمال لأنهم لا يجدون وظائف؟ فلماذا تتنادى تلك الأصوات بتوظيف وإشغال المرأة والرجال لا أحد يلتفت إليهم ولا أحد ينادي بمشكلتهم؟! إلا أنها خطة ومكيدة مدبرة من عدو الإسلام والمسلمين تلقفها من أبناء المسلمين من في قلبه مرض، أو فيه شك، أو فيه ضعف إيمان فصار ينادي بذلك وينعق، فهم ينعقون بأصوات غيرهم كالببغاوات ولا يفكرون في أن هذه الأصوات ضدهم، وأنها تطعن في نحورهم وفي مجتمعهم أفلا يتقون الله؟! ألا يرجعون إلى عقولهم؟! ألا يرجعون إلى تفكيرهم؟! لأنهم يزعمون أنهم مفكرون، وأنهم مثقفون أين الثقافة؟ وأين الفكر؟ إنها ثقافة متعفنة وفكر منحرف على هؤلاء أن يتوبوا إلى الله، وأن يرجعوا إلى صوابهم وأن يكونوا دعاة للخير بدل أن يكونوا دعاة للشر.
أيضا ينادون بإزالة الفوارق بين الرجال والنساء في المجالس، وفي المكاتب، وفي الانتخابات وفي المجالس البلدية وفي الغرف التجارية وغيرها أن تكون المرأة إلى جنب الرجل سافرة عن فتنتها وعن زينتها متبرجة ينادون بهذا؛ لأنهم يعلمون أن هذا سلاح فتاك في المجتمع، فالله حرم الاختلاط ولذلك حتى في مواطن العبادة المرأة إذا صلت مع الرجال تكون خلفهم، ولو كانت وحدها ولا تصف مع الرجال لما في ذلك من الفتنة، فإذا كان هذا في موطن العبادة فكيف بموطن العمل وكيف بالاختلاط؟ إذا كان هذا في موطن العبادة ومع رجال صالحين يعبدون الله ويذكرون الله أمرت ألا تختلط بهم بل تكون خلفهم.. فكيف بمخالطتها لرجال ليسوا على هذا المستوى من الدين والعقل، وليسوا على مستوى من الورع؟!
والمرأة فاتنة حتى لأتقى الناس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) ويقول صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا النساء فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) فالأتقياء عليهم خطر فكيف بمن دونهم من ضعاف الإيمان إذا اختلطت بهم وخلت معهم في المكاتب أو غيرها؟! أما يتقون الله سبحانه وتعالى؟ أما يخافون من العقوبات التي حلت ببني إسرائيل بسبب نسائهم وتمردهن على شرع الله عز وجل؟
إذا كان الله جل وعلا يختار للمرأة أن تبقى في بيتها وتصلي في بيتها ولا تخرج إلى المسجد للصلاة فكيف تخرج للعمل والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن) بيوتهن خير لهن، يعني صلاتهن في البيوت خير لهن من صلاتهن في المساجد، فإذا كان بيت المرأة أفضل من المسجد لأداء الصلاة فكيف بالعمل الدنيوي الذي تخرج له طامعة فيما وراء ذلك من الدراهم، أو يطمع بذلك وليها ويغريها بذلك حتى تأتيه بالدراهم دون نظر إلى ما يعترضها من الخطر في عرضها وفي عفتها فليتق الله هؤلاء.
ينادون بقيادة المرأة للسيارة، ولا ينظرون إلى ما يترتب على قيادة المرأة للسيارة من المحاذير، المرأة إذا سلمت السيارة صارت حرة ليس لوليها عليها كلام ولا سلطة بل تخرج من بيتها بالليل والنهار تشغل سيارتها وتذهب ويركب معها من شاءت من الرجال، وربما يقف لها رجال يركبون معها، إما بالاختيار وإما بالقهر يركبون معها ويعترضون لها لأنها ليس معها من يحميها وهي امرأة ضعيفة أليس هذا كافيا في الخطر من قيادة المرأة للسيارة؟!
إنها تخرج عن رقابة وليها، وأنها تكون حرة في الخروج متى شاءت، وأنها قد يتصل بها الأشرار وهي على فراشها ثم تخرج إليها وتشغل سيارتها وتستقبلهم ويستقبلونها، أما يخشى المسلمون من هذا؟! هل هذا بعيد؟! هذا والله واقع وكثير، المرأة مع أنها تحت رقابة وليها تحت نظر الرجال تعلمون ما حصل من المشاكل فكيف إذا أعطيت الحرية ومكنت من سيارة تقودها، أرأيتم لو حصل لها حادث في الطريق من الذي يتولاها؟!
يجتمع عليها الرجال والمرور والسائقون من غير محارمها في هذه الحالة الحرجة، إذا حصل عطل في سيارتها أليست تذهب إلى محل إصلاح السيارات وحدها؟! ومحلات إصلاح السيارات لا تخلو من ذئاب البشر. فالمحاذير في هذا كثيرة جدا فعلى المسلمين أن يتنبهوا لهذه المكائد، هم لا يقصدون أن المرأة تقود السيارة مجرد قيادة، وإنما يقصدون ما يترتب على قيادتها من المفاسد هم يقصدون هذا فلننتبه لمكائدهم، ولا ننخدع بدعايتهم المضللة، وأن المرأة بحاجة إلى قيادة السيارة، وأن قيادة المرأة للسيارة أولى من أننا نستقدم سائقا أجنبيا .. يا سبحان الله.. استقدام السائق الأجنبي أكثر ضررا من قيادة المرأة للسيارة؟! نعم.. استقدام السائق الأجنبي فيه ضرر ولكن ضرر قيادة المرأة للسيارة أشد وآكد، وكما هي القاعدة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وارتكاب أخف الضررين واجب لدفع أعلاهما، فليفكر هؤلاء.
يطالبون أن تخرج المرأة في وسائل الإعلام مع الرجال أمام الشاشات وفي الاستوديوهات، والله يعلم ما يحصل في تلك المحلات من الخلوة، ومن المضاحكة ومن الممازحة ومن المخالطة ثم يظهرن أمام الناس في هذه الشاشات، أو تظهر أصوات النساء في وسائل الإعلام فماذا يحصل؟!
المرأة إذا خلت مع رجل واحد أو ظهرت أمام رجل واحد سافرة والضرر محصور بينهما لكن إن ظهرت في وسائل الإعلام صار الضر على جميع الأمة على من يراها ومن يسمعها فالضرر كبير بوسائل الإعلام فعلى المسلمين أن ينتبهوا لذلك، وأن ينتبهوا لكيد عدوهم، وأن لا ينخدعوا بهذه الدعايات، وإذا أصلح الغرب وضع نسائهم ورجعوا بنسائهم إلى جادة الصواب ساغ لهم أن يتكلموا، أما أن يتكلموا ونساؤهم ضائعات مضيعات ويظنون أن الإسلام هضم حق المرأة فهذا تعام عما هم عليه، وإلصاق ذلك بالمسلمين، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون (118) ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليمِ بذات الصدور(119) إن تمسسكم حسنةِ تسؤهم وإن تصبكم سيئةِ يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيطِ (120)} [آل عمران].
*عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.
أخووي " الاسد السلفي "
مشكوووووره على الموضوع
والفايده الطيبه
ولك الأجر ان شالله
**********drawGradient()
* حزوووووووووووووووووووووووووووووووون *