تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » دوافع الاقتراض الشخصي في الإمارات

دوافع الاقتراض الشخصي في الإمارات 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم

خليجية
نجيب الشامسي

إن الأرقام والإحصاءات التي تعكس حجم الاقتراض الشخصي للأفراد من المصارف التجارية، خصوصاً الاقتراض من أجل الاستهلاك، ثم حجم الإنفاق الاستهلاكي لدى الأفراد والأسر في مجتمع الإمارات قد تجاوزت معدلاتها الطبيعية وسجلت أرقاماً قياسية، وشكلت مخاطر حقيقية على الفرد والأسرة والمجتمع، فإذا كنا نقبل اقتراض الأفراد لأغراض ضرورية ودوافع معيشية كبناء منزل أو توسعته أو صيانته، ثم شراء سيارة تتناسب وقدراتهم المالية، ثم تغطية مصاريف مدرسية أو تعليمية، أو دفع إيجار مسكن أو تغطية فروق الأسعار المعيشية، فإن تلك الدواعي والأسباب لها ما يبررها طالما كانت في ظل المعدلات الطبيعية، في ظل قدرة الأفراد على السداد وتالياً السيطرة على التزاماتهم.

ولكن ما يحدث في مجتمع الإمارات أمر غير طبيعي، ففي ظل تراخي المصرف المركزي في سياساته الائتمانية ورقابته المصرفية، وفي ظل التنافس المحموم للمصارف التجارية على اقتناص المدمنين على القروض، وفي ظل تفشي النزعة الاستهلاكية في المجتمع، ثم في ظل غياب الوعي الاستهلاكي لدى الأفراد والأسر وغياب ميزانية شهرية للأسر، وخضوع الأفراد لتأثير الإعلانات التجارية والتسويقية، وغياب المسؤولية الاجتماعية للإعلام الإماراتي، فإن المصارف التجارية استفردت بالأفراد، لاسيما المدمنين منهم على الاقتراض بقصد الإنفاق الاستهلاكي على الكماليات حباً في التقليد والمحاكاة والبذخ، ولأسباب أو ضغوط نفسية يمر بها الأفراد المدينون فلا يجدون مسكناً لها سوى شراء كماليات يدركون أنه لا فائدة منها بعد زوال أسباب الضغوط النفسية تلك.

إن تجاوز الإنفاق الاستهلاكي قدرات الفرد والأسرة من خلال الاقتراض من المصارف لتغطية نفقات بذخية واستهلاكية غير ضرورية من شأنه أن يفاقم مشكلات الفرد الشخصية، وينعكس على بقية أفراد أسرته وسمعتهم حينما يصبح عاجزاً عن السداد، ويضع نفسه وأسرته أمام المساءلة القانونية التي تنتهي به في كثير من الأحيان إلى السجن، إذ تؤكد لنا الإحصاءات الأمنية أن الداخلين إلى السجون والمطلوبين في قضايا القروض في تزايد مستمر، ما ينعكس مباشرة على الأسرة التي تخسر أحد أعضائها، فضلاً عن اختلال الكيان الاجتماعي والاقتصادي في الإمارات!

ومن المؤسف حقاً أن نجد شريحة الشباب هي الأكثر اقتراضاً من المصارف، لاسيما أولئك العاملين في الدفاع والجيش والداخلية، ودوماً تكون قروضهم الشخصية من أجل شراء سيارات، أو السفر، أو شراء كماليات وسلع استهلاكية تتجاوز الضرورية منها، وإذا كان تجاوز الحدود المعقولة للقروض المصرفية يعرض الفرد والأسرة والمجتمع والقطاع الاقتصادي لمشكلات عدة وصدمات عنيفة، فلماذا يتم اللجوء إلى المصارف وشركات التمويل؟! ولماذا يعّرض الفرد نفسه وأسرته لمشكلات وخيمة وصعبة؟! ولماذا تسجل المديونية معدلات تصاعدية وبشكل حاد؟!

إن هناك مسؤولية تقع على المصرف المركزي في وضع سقوف عليا للقروض الشخصية، وشروط واضحة وموحدة، وسياسات اقتراضية محددة، وعلى وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني توعية الأفراد.. إنها مسؤولية مشتركة، فهل تعي كل جهة مسؤولياتها قبل أن يتحول شباب الإمارات إلى سجناء ومجرمين؟!


مشكور على الخبر …

وربي يعطيك العافيه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.