الحب بين الزوجين
استثمار عاطفي مدى الحياة
كنت أتصفح أحد المواقع الهادفة فوقعت عيناي على موضوع مفتوح للنقاش مدبّج بهذا السؤال:
(هل المطلوب بين الزوجين الحب أم التفاهم ؟)
فقلت كلاهما ضيف عزيز وأنيس ممتع وعلقت بالتالي (إذا حلّ أحدهما جذب الآخر إلى عشرته حتما
وأشركه حياته لأن الحب الحقيقي يؤدي حتما إلى التفاهم كما أن التفاهم الناضج يؤول إلى الحب قطعا….).
ومما أشرت إليه في تعليقي:
وجوب التفريق بين الحب الحقيقي الصحي
وبين الحب الوهمي المرضي(الغرامي)
فهذا الأخير مرض تعلقي يحتاج صاحبه إلى علاج لأنه يؤذي المحب والمحبوب على السواء
ويؤدي إلى المعاناة على طريق مسدود وهو سبب قوي من أسباب الطلاق.
أعرض عن هذا الآن –عزيزي القارئ-وأعرني انتباهك للأمور التالية:
1)- جوانب الاختلاف بين الرجل والمرأة طبعا وتكوينا وتفكيرا وتصرفا.
2)- اختلاف احتياجات المرأة عن احتياجات الرجل.
3)- المهارات الضرورية لمرور التيار بينهما.
سنتخذ منها مدخلا رحبا للبحث في كيفية رعاية الحب بين الزوجين وبالله التوفيق.
مراعاة الاختلافات بينهما
تختلف المرأة عن الرجل في طريقة التفكير وفي التعبير عن المشاعر وفي النمط والنظام التمثيلي وربما كان
للاختلاف الهرموني التأثير الأكبر وسوف نعرض صفحا عن تفاصيل الدراسات الحديثة الثرية التي نتابعها
كل يوم والتي أثرت الحياتين الأسرية والاجتماعية ونركز على جوانب الاختلاف وهي:
الاختلاف في التفكير
المرأة- تفكر بشكل مسموع (فهي ذات نظام سمعي) ولذلك تسعى للحديث و لمناقشة الزوج وتحب
أن ينصت لها(وهو الأمر الذي يزعج الزوج) وبه توصف المرأة بأنها ثرثارة.
المرأة- تحتاج إلى التحدث والحوار لعدة أمور منها:(لتوصيل وجمع المعلومات, حتى تشعر بمشاعر
أفضل, حتى تصنع جوا من الألفة, حتى توثق الصلة, حتى ترتب أفكارها….).
فكيف يتعامل الرجل مع هذا الأمر؟
التصرف الحكيم من الرجل- فأول الأمر عليه أن ينصت لها فذلك يسعدها ويريحها ويشعرها بأهميتها
(وكثيرا ما يخطئ الرجل حينما يقدم حلولا فهي بحاجة إلى إنصات لا إلى حلّ).
ويساندها- بأن يظهر تفهمه لمشاعرها فهي الأمور التي تشبع أنوثتها وهي ما تبحث عنه ثم له أن يبادر
بتقديم الحلول فهي تبحث عن الداعم لاعن حلال المشاكل. وقد لمست كثيرا تلك الحقيقة في جلسات التدريب
الشخصي “الكوتشينغ” حينما كنت استمع فقط إلى المستفيدة دون تعليق كنت أشعر بالراحة تغمرها وتغمر
المكان برمته. وهو الأمر الذي تبحث عنه المرأة حين تتوجه إلى الاستشاري النفسي وفي يقيني أن الزوج
أفضل من يقوم بهذا الدور.
فالمرأة عند شكواها لا تقصد الشكوى من أمور مزعجة وإنما تريد الشعور بالأمان وهو ما يحررها نفسيا.
وعندما تجنح إلى الحديث والحوار إنما تريد إشباع جانبها الأنثوي بداخلها.
الرجل- يفكر بشكل صامت ويبحث في حوار داخلي عن حل للمشاكل…..
وربما فضل الخلوة أو الدخول داخل الكهف على حد تعبير الدكتور جون جراي
(وهو الأمر الذي يحبط المرأة فتلح على إخراجه من كهفه وإجلائه من خلوته) وهذا ما يجن الزوج.
ويحتاج الرجل إلى الخلوة لعدة أمور منها:(إيجاد حل عملي لمشكلة معينة, حينما تشتد عليه الضغوط ينزع
إلى العزلة حتى لا يفعل ما يمكن أن يندم عليه, عندما يحتاج إلى مساحة من الحرية إذا وقع في الحب
مثلا أو إذا فكر بالارتباط أو كان أمام قرار مصيري حينها يحتاج إلى خطوة للوراء, لتجديد الحب بالبعد
عن العواطف المفرطة والرجوع بنفس جديد….)
التصرف الحكيم من المرأة-
عندما تلاحظ المرأة ميل زوجها إلى الابتعاد والانسحاب عليها أن تؤجل حوارها ريثما يخرج من
اعتكافه الداخلي وغالبا لا تطول إقامته داخل المعتكف.
وتسانده-
بأن تتفهم حاجته إلى العزلة, وأن لا تحاول تقديم المساعدة له, ولا تثقل عليه بالأسئلة, وأن تبتعد
عن كهفه ولا تستعجله بالخروج منه, وأن تشغل نفسها بالاتصال بصديقة أو رعاية حديقة
أو قراءة كتاب….الخ.
الاختلاف بين آدم وحواء في التعبير عن المشاعر
الرجل- يعبِّر عن مشاعره بالحركة والفعل أساسا وهو عندما يشعر لا يستطيع البوح بمشاعره
حتى يفكر فيها.
المرأة- تعبر عن مشاعرها بالحديث أساسا
وهي تستطيع أن تشعر وتفكر وتتحدث في الوقت ذاته.
– وهذا الاختلاف مرجعه إلى تباين خريطة المخ
(فمركز الإحساس عند الرجل يرتبط بمركز الحركة وحل المشكلات) بينما
(يرتبط مركز الإحساس عند المرأة بمركز الكلام بالدرجة الأولى ثم بمركز الحركة وحل المشكلات)
عندما يحب الرجل:
يحس بمشاعره ويعبر عنها بالحركة والتصرف بفعل أي شيء ويتلقى حب زوجته له عندما تستحسن
قراراته وأفعاله وحركاته. وقد يكفيه مجرد ظهور الاستحسان و الرضا في عينيها حتى يحس بحبها
ويبادلها إياه.
عندما تحب المرأة:
تحس بمشاعرها وتعبر عنها بالتواصل وجودة العلاقة و التودد وتتلقى حب زوجها بالمساندة والحماية
والكلام إنصاتا وتحدثا فالجانب العاطفي هو ما يحقق لها الرضا ويشبع أنوثتها.
أنت في تلبية احتياجاته بين عطاء وأخذ فإلى ماذا يحتاج زوجك برأيك؟ يحتاج إلى:
– الثقة: ثقي فيه حتى يوليك اهتمامه ويفعل كل ما بوسعه لإسعادك فالصورة القوية التي تشكلينها عنه
في ذهنك هي ما يترجمه واقعا مستمتعا بذلك.
– التقبل: اقبليه كما هو وامتنعي عن محاولة تغييره حتى يصغي إليك ويفهمك فبركة التقبل تقضي
على عفريت المقاومة والتمرد بداخله.
– التشجيع: حينما تشجعي زوجك ليمضي في ما هو متحمس له تعطيه القوة وتشحنيه والعزم وهو
بدوره يشعرك بالأمن الطمأنينة.
أنت في إشباع احتياجات زوجتك بين بذل واستلام فما هي احتياجات زوجتك برأيك؟ تحتاج منك إلى:
– الاهتمام: اظهر لها اهتمامك بها وقلقك على سلامتها وأشعرها بحبك ورعايتك ستعطيك في المقابل ثقتها.
– التفهم: عندما تصغي إليها وتتفهمها تعطي بذلك الدعم لها وتشبع أنوثتها تستلم منها تقبلها لتصرفاتك
وردود أفعالك.
– الاحترام: اشبع حاجتها إلى الاحترام وستمنحك فيضا من التقدير.
& دعنا نفترض أن “الحب كائن حي”
وهو فعلا كذلك ما هي احتياجاته حتى ينمو ويستمر بهما ومعهما مدى الحياة سنجد
في ما سبق احتياجات الحب لحياة عاطفية ثرية أعد قراءتها إذا رغبت.
مهارات التواصل بينكما
جرب –صديقي- استخدام هذه المهارات مع زوجتك:
– أقوى عتاد تملكه في مواجهة غضب امرأتك هو سلاح الفهم والوعي فجرب أن تتفهم حاجتها للشعور
بالدعم والحماية والمساندة أصغي إليها فسرعان ما تبوح لك بمشاعرها بحب فهي لا تبحث عن حلول
وإنما تبحث عن دعم وإشباع للجزء الأنثوي فيها.
– إذا كانت مستفزة تفادى الرد على أسئلتها المباشرة وناور بمهارة لتغيير وجهة الحديث إلى ما يثير
غضبها وامنحها حظا أطول فهي لا تبحث إلا على دعمك.
– أعطها دعمك العاطفي لتشعر بالأمن النفسي والتقدير لكيانها الشخصي.
– إذا كانت هناك مشكلة بينكما تخير لها الوقت الأفضل لمعالجتها معها.
– احذر أن تحقر مشاعرها فلذلك عواقب وخيمة,وكن الرجل في معانيه القوية فالمرأة تحب الرجل
الرجل فكن مسيطرا على مشاعرك رهف الإحساس واحترم وجهة نظر حبيبتك كيفما كانت.
جربي -أختي الفاضلة- هذه المهارات مع زوجك:
– هيئي الرجل قبل البوح له بأشجانك ومشاغلك وتحلي بحكمة التأني وساعديه حتى يصغي إليك.
– انتظري حتى يخرج من معتكفه بإمكانك أن تفاتحيه بهذه الجملة مثلا : (ليس عليك أن تقدم حلا ولا أن تقول
رأيا أصغي فقط فأنا أرتاح حينما أتحدث إليك وإذا كنت غير مستعد نؤجله لوقت لاحق)
أو أي جملة أخرى بالعامية طبعا تدور في هذا السياق.
– ثابري على العطاء والبذل والمساندة وتحلي بالإصرار حتى يفتح باب دعمه ويفيض كوثر خيره.
– كوني أنثى وتألقي بأنوثتك وتخلي عن الدور الذكوري البديل والدخيل على طبيعتك هذا الذي جاءت به
الحياة العصرية فالانعكاس العاطفي مسخ وخسف ولعن, فالرجل يحب المرأة الأنثى ولا يستطيع مقاومتها
فأطلقي العنان لأنوثتك (معه حصرا).
كلمة في الصميم
كنت أتمنى أن يتسع المقام أكثر وفيما ذكرت خير وبركة وما أريد أن أختم به أن الحياة العاطفية بينكما
استثمار أبدي وإنما تثرى بالحميمية والرومانسية والصداقة والمرح وشيء من الأجواء الروحانية
والله الموفق
م-ن
وتقبلي مرووري ريومتي..