تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما – الجزء الثالث .

الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما – الجزء الثالث . 2024.

  • بواسطة

معنى شهادة أن محمدا رسول الله

أهلية النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذه الرسالة

لما كانت كلمة الشهادة علما على النطق بالشهادتين معا، وكانتا متلازمتين لا تنفك إحداهما عن الأخرى؛ كان من الواجب على من أتى بكل منهما أن يعرف ما تدل عليه الكلمة، ويعتقد ذلك المعنى، ويطبقه في سيرته ونهجه. فبعد أن عرفت أن ليس المراد من لا إله إلا الله مجرد التلفظ بها، فكذلك يقال في قرينتها، بل لا بد من التصديق بها والالتزام بمعناها ومقتضاها، وهو الاعتقاد الجازم بأنه -صلى الله عليه وسلم- مرسل من ربه -عز وجل- قد حمله الله هذه الشريعة كرسالة، وكلفه بتبليغها إلى الأمة، وفرض على جميع الأمة تقبل رسالته والسير على نهجه، والبحث في ذلك يحتاج إلى معرفة أمور يحصل بها التأثر والتحقق لأداء هذه الشهادة والانتفاع بها.
الأمر الأول : أهلية النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذه الرسالة:
قال الله -تعالى- خليجية وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ خليجية .
وقال -تعالى- خليجية اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ خليجية .
وقال -تعالى- خليجية وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ خليجية .
ونحو هذه الآيات التي تفيدنا بأن رسل الله من البشر الذين فضلهم واجتباهم وطهرهم، حتى أصبحوا أهلا لحمل رسالته، وأمناء على شرعه ودينه، ووسطاء بينه وبين عباده، وقد ذكر الله عن بعض الأمم المكذبة للرسل أنهم قالوا لرسلهم: خليجية إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا خليجية فكان جواب الرسل أن قالوا: خليجية إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ خليجية .
وحيث إن نبينا محمدا -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الرسل وأفضلهم، وقد خصه بما لم يحصل لغيره ممن قبله، فإنه بلا شك على جانب كبير من هذا الاصطفاء والاختيار الذي أصبح به مرسلا إلى عموم الخلق من الجن والإنس، وقد قال الله -تعالى- له: خليجية وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ خليجية .
وفي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: خليجية كان خلقه القرآن خليجية ؛ تعني أنه يطبق ما فيه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال التي يشهد بحسنها وملاءمتها كل عاقل، فلقد كان قبل نزول الوحي عليه على جانب كبير من الأمانة والصدق والوفاء والعفاف ونحوها، حتى كان أهل مكة يعرفونه بالصادق الأمين، وقد تضاعفت وتمكنت فيه تلك الأخلاق بعد النبوة، فكان يتحلى بأعظم درجات الكرم والجود والحلم والصبر، والمروءة والشكر، والعدل والنزاهة، والتواضع والشجاعة … إلخ، كما يوجد ذلك مدونا بأمثلة رائعة في كتب السيرة والتاريخ، ولا يخالف في ذلك إلا من أنكر المحسوسات.
وهكذا كان -صلى الله عليه وسلم- مبرءا عن النقائص ومساوئ الأخلاق التي تزيل الحشمة، وتسقط المروءة، وتلحق بفاعلها الإزراء والخسة، كالبخل والشح، والظلم والجور، والكبر والكذب، والجبن والعجز والكسل، والسرقة والخيانة ونحوها.
الأمر الثاني : عصمته من الخطايا:
اتفقت الأمة على أن الأنبياء معصومون من كبائر الذنوب؛ لمنافاتها للاجتباء والاصطفاء، ولأن الله حملهم رسالته إلى البشر، فلا بد أن يكونوا قدوة لأممهم، وكلفهم أن يحذروا الناس من مقارفة الكفر والذنوب والفسوق والمعاصي، فلو وقع منهم ظاهرا شيء من هذه الخطايا لتسلط أعداؤهم بذلك على القدح فيهم والطعن في شريعتهم، وذلك ينافي حكمة الله تعالى؛ فكان من رحمته أن حفظهم من فعل شيء من هذه المخالفات، وكلفهم بالنهي عنها، وبيان سوء مغبتها، كما جعلهم قدوة وأسوة في الزهد والتقلل من شهوات الدنيا التي تشغل عن الدار الآخرة، فأما صغائر الذنوب فقد تقع من أحدهم على وجه الاجتهاد، ولكن لا يقرون عليها، فلا تكون قادحة في العدالة، ولا منافية للنبوة، وإنما هي أمارة على أنهم بشر لم يصل أحدهم إلى علم الغيب، ولا يصلح أن يُمنح شيئا من صفات الربوبية.
وقد ذكر المفسرون وأهل العلم بعضا مما وقع من ذلك، كقوله -تعالى- خليجية ولا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ خليجية وقوله: خليجية وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا خليجية ونحو تلك من الوقائع التي فعلها اجتهادا لما يؤمله من مصلحة ظاهرة علم الله -تعالى- أنها لا تتحقق، فأما المعاصي والذنوب فإن الله -تعالى- حماه من فعلها أو إقرارها؛ لمنافاة ذلك لصفات الرسالة والاختيار، ولمخالفة ما ورد عنه من التحذير من الكفر والفسوق والعصيان، فأما تبليغ ما أوحي إليه من الشرع فقد ذكر العلماء المحققون اتفاق الأمة على عصمته بل، وعصمة الأنبياء فيما يبلغونه عن الله -تعالى- من الوحي والتشريع، بل إن الله -جل ذكره- قد عصمه قبل النبوة عن الشرك والخنا ونحو ذلك.
فقد رُوي عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملون به … وما هممت بسوء حتى أكرمني الله برسالته ذكره القاضي عياض في كتاب الشفا وغيره، وقال ابن إسحاق في السيرة: فشبَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلؤه الله ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية ومعائبها؛ لما يريد به من كرامته ورسالته وهو على دين قومه، حتى بلغ أن كان رجلا أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا، وأكرمهم مخالطة، وأحسنهم جوارا، وأعظمهم خلقا، وأصدقهم أمانة وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما، حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين، لما جمع الله به في صغره وأمر جاهليته .

عموم رسالته وتبليغه الرسالة

الأمر الثالث : عموم رسالته:
اختص محمد -صلى الله عليه وسلم- دون الأنبياء بخصائص كثيرة ذكر بعضها في حديث جابر المتفق عليه بقوله: خليجية أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي؛ نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة خليجية ، وقال -صلى الله عليه وسلم- بعثت إلى الأسود والأحمر رواه مسلم ؛ وعلى هذا فإن على جميع البشر أن يتبعوه ويطيعوه، فإنهم جميعا من أمته أمة الدعوة، وقد قال الله -تعالى- خليجية وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا خليجية ؛ أي للناس كافة، وقـال -تعـالى- خليجية قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا خليجية .

إنتظرووووني ….

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
الله يعطيج العافية مشرفتنا ونحن في الأنتظار بموضوع متميز إن شاء الله

ودمتي بحفظ الـرحمن

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.