تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الفرق بين النار التي ظهرت في المدينة المنورة عام 654 هـ وبين التي تخرج من قعر عدن

الفرق بين النار التي ظهرت في المدينة المنورة عام 654 هـ وبين التي تخرج من قعر عدن 2024.

  • بواسطة
مَبْحث – خفيف لطيف – قُمتُ به بشأن نار – قعر عدن – ؛ والفرق بينها وبين تلك النار التي خرجت عام 654 هـ في أرض الحجاز ؛ أسأل الله تعالى أن ينفع به :
5105 – حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَقَ ح و حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَا جَمِيعًا حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينً وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمْ النَّارُ تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا )
5105 – قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُحْشَر النَّاس عَلَى ثَلَاث طَرَائِق رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ ، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِير ، وَثَلَاثَة عَلَى بَعِير ، وَأَرْبَعَة عَلَى بَعِير ، وَعَشْرَة عَلَى بَعِير ، وَتَحْشُر بَقِيَّتهمْ النَّار تَبِيت مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا ، وَتَقِيل مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا ، وَتُصْبِح مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا ، وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسُوا ) قَالَ الْعُلَمَاء : وَهَذَا الْحَشْر فِي آخِر الدُّنْيَا قَبِيل الْقِيَامَة ، وَقَبِيل النَّفْخ فِي الصُّور ، بِدَلِيلِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَحْشُر بَقِيَّتهمْ النَّار تَبِيت مَعَهُمْ وَتَقِيل وَتُصْبِح وَتُمْسِي " ، وَهَذَا آخِر أَشْرَاط السَّاعَة كَمَا ذَكَرَ مُسْلِم بَعْد هَذَا فِي آيَات السَّاعَة ، قَالَ : ( وَآخِر ذَلِكَ نَار تَخْرُج مِنْ قَعْر عَدَن تَرْحَل النَّاس ) ، وَفِي رِوَايَة : ( تَطْرُد النَّاس إِلَى مَحْشَرهمْ ) وَالْمُرَاد بِثَلَاثِ طَرَائِق : ثَلَاث فِرَق ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ الْجِنّ : { كُنَّا طَرَائِق قِدَدًا } أَيْ : فِرَقًا مُخْتَلِفَة الْأَهْوَاء .
المنهاج شرح صحيح مسلم بن حجاج / للإمام النووي – رحمه الله تعالى – .
ــــــــــ
5162 – حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا و قَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ
اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ مَا تَذَاكَرُونَ قَالُوا نَذْكُرُ السَّاعَةَ قَالَ : ( إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ )
5162 – قَوْله : ( عَنْ حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَكَسْر السِّين . قَوْله : ( عَنْ اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ فُرَات عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَنْ حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ ) هَذَا الْإِسْنَاد مِمَّا اِسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ، وَقَالَ : وَلَمْ يَرْفَعهُ غَيْر فُرَات عَنْ أَبِي الطُّفَيْل مِنْ وَجْه صَحِيح . قَالَ : وَرَوَاهُ عَبْد الْعَزِيز بْن رُفَيْع وَعَبْد الْمَلِك بْن مَيْسَرَة مَوْقُوفًا . هَذَا كَلَام الدَّارَقُطْنِيِّ . وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِم رِوَايَة اِبْن رُفَيْع مَوْقُوفَة كَمَا قَالَ ، وَلَا يَقْدَح هَذَا فِي الْحَدِيث ؛ فَإِنَّ عَبْد الْعَزِيز بْن رُفَيْع ثِقَة حَافِظ مُتَّفَق عَلَى تَوْثِيقه ، فَزِيَادَته مَقْبُولَة . قَوْله : صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْرَاط السَّاعَة : ( لَنْ تَقُوم حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلهَا عَشْر آيَات فَذَكَرَ الدُّخَان وَالدَّجَّال ) هَذَا الْحَدِيث يُؤَيِّد قَوْل مَنْ قَالَ إِنَّ الدُّخَان دُخَان يَأْخُذ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّار ، وَيَأْخُذ الْمُؤْمِن مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَام ، وَأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بَعْد ، وَإِنَّمَا يَكُون قَرِيبًا مِنْ قِيَام السَّاعَة ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَاب بَدْء الْخَلْق قَوْل مَنْ قَالَ هَذَا ، وَإِنْكَار اِبْن مَسْعُود عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا هُوَ عِبَارَة عَمَّا نَالَ قُرَيْشًا مِنْ الْقَحْط حَتَّى كَانُوا يَرَوْنَ بَيْنهمْ وَبَيْن السَّمَاء كَهَيْئَةِ الدُّخَان ، وَقَدْ وَافَقَ اِبْن مَسْعُود جَمَاعَة ، وَقَالَ بِالْقَوْلِ الْآخَر حُذَيْفَة وَابْن عُمَر وَالْحَسَن ، وَرَوَاهُ حُذَيْفَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّهُ يَمْكُث فِي الْأَرْض أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، وَيُحْتَمَل أَنَّهُمَا دُخَانَانِ لِلْجَمْعِ بَيْن هَذِهِ الْآثَار . وَأَمَّا الدَّابَّة الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الْحَدِيث فَهِيَ الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْل عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّة مِنْ الْأَرْض } قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : هِيَ دَابَّة عَظِيمَة تَخْرُج مِنْ صَدْع فِي الصَّفَا . وَعَنْ اِبْن عَمْرو بْن الْعَاصِ أَنَّهَا الْجَسَّاسَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث الدَّجَّال . قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَآخِر ذَلِكَ نَار تَخْرُج مِنْ الْيَمَن تَطْرُد النَّاس إِلَى مَحْشَرهمْ ) وَفِي رِوَايَة ( نَار تَخْرُج مِنْ قُعْرَة عَدَن ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول : ( قُعْرَة ) بِالْهَاءِ وَالْقَاف مَضْمُومَة ، وَمَعْنَاهُ مِنْ أَقْصَى قَعْر أَرْض عَدَن ، وَعَدَن مَدِينَة مَعْرُوفَة مَشْهُورَة بِالْيَمَنِ . قَالَ الّمَاوَرْدِيّ : سُمِّيَتْ عَدَنًا مِنْ الْعُدُون ، وَهِيَ الْإِقَامَة ؛ لِأَنَّ تُبَّعًا كَانَ يَحْبِس فِيهَا أَصْحَاب الْجَرَائِم ، وَهَذِهِ النَّار الْخَارِجَة مِنْ قَعْر عَدَن وَالْيَمَن هِيَ الْحَاشِرَة لِلنَّاسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيث .
المنهاج شرح صحيح مسلم بن حجاج / للإمام النووي – رحمه الله تعالى – .
ـــــــــــ
2058 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى ثَلَاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ اثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ وَثَلَاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَعَشْرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمْ النَّارُ تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا )
2058 – حَاشِيَةُ السِّنْدِيِّ : قَوْله ( يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْم الْقِيَامَة ) ظَاهِره أَنَّهُ حَشْر الْآخِرَة وَغَالِب الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ آخِر أَشْرَاط الْقِيَامَة وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِب لِمَا سَيَجِيءُ مِنْ الْقَيْلُولَة وَالْبَيْتُوتَة وَنَحْوهمَا فَيُحْمَلُ قَوْله يَوْم الْقِيَامَة عَلَى مَعْنَى قُرْب يَوْم الْقِيَامَة أَوْ بَعْد زَمَان آخِر الْعَلَامَات مِنْ يَوْم الْقِيَامَة مَجَازًا إِعْطَاءً لِلْقَرِيبِ مِنْ الشَّيْء حُكْمَ ذَلِكَ الشَّيْء .
حَاشِيَةُ السِّيُوطِيِّ : ( يُحْشَر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة عَلَى ثَلَاث طَرَائِق رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ اِثْنَانِ عَلَى بَعِير …. الْحَدِيثَ ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض هَذَا الْمَحْشَر فِي الدُّنْيَا قَبْل قِيَام السَّاعَة وَهُوَ آخِر أَشْرَاطهَا وَيَدُلّ عَلَى أَنَّهُ قَبْل يَوْم الْقِيَامَة . قَوْله ( وَتُحْشَر بَقِيَّتهمْ النَّار تَقِيل مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَتَبِيت مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتُصْبِح مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا ) وَفِي حَدِيث مُسْلِم فِي أَشْرَاط السَّاعَة وَآخِر ذَلِكَ نَار تَخْرُج مِنْ قَعْر عَدَن تُرَحِّل النَّاس وَفِي رِوَايَة تَطْرُد النَّاس إِلَى مَحْشَرهمْ وَفِي حَدِيث آخَر لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى تَخْرُج النَّار مِنْ أَرْض الْحِجَاز وَفِي بَعْض الرِّوَايَات فِي غَيْر مُسْلِم فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهَا فَاخْرُجُوا إِلَى الشَّامِ كَأَنَّهُ أَمَرَ بِسَبْقِهَا إِلَيْهِ قَبْل إِزْعَاجهَا لَهُمْ وَذَكَرَ الْحَلِيمِيّ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْآخِرَة فَقَالَ : يَحْتَمِل أَنَّ قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام : يُحْشَر النَّاس عَلَى ثَلَاث طَرَائِق إِشَارَة إِلَى الْأَبْرَار وَالْمُخَلِّطِين وَالْكُفَّار ، فَالْأَبْرَار الرَّاغِبُونَ إِلَى اللَّه تَعَالَى فِيمَا أَعَدَّ لَهُمْ مِنْ ثَوَابه وَالرَّاهِبُونَ هُمْ الَّذِينَ بَيْن الْخَوْف وَالرَّجَاء فَأَمَّا الْأَبْرَار فَإِنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ بِالنَّجَائِبِ وَأَمَّا الْمُخَلِّطُون فَهُمْ الَّذِينَ أُرِيدُوا فِي هَذَا الْحَدِيث وَقِيلَ إِنَّهُم يُحْمَلُونَ عَلَى الْأَبْعِرَة وَأَمَّا الْفُجَّار الَّذِينَ تَحْشُرهُمْ النَّار فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى يَبْعَث إِلَيْهِمْ مَلَائِكَة فَتُقَيِّض لَهُمْ نَارًا تَسُوقهُمْ وَلَمْ يَرِدْ فِي الْحَدِيث إِلَّا ذِكْر الْبَعِير ، وَأَمَّا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ إِبِل الْجَنَّة أَوْ مِنْ الْإِبِل الَّتِي تَحْيَا وَتُحْشَر يَوْم الْقِيَامَة فَهَذَا مَا لَمْ يَأْتِ بَيَانه وَالْأَشْبَه أَنْ لَا تَكُون مِنْ نَجَائِب الْجَنَّة لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ جُمْلَة الْأَبْرَار وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ حَمَلَة الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُمْ بَيْن الْخَوْف وَالرَّجَاء لِأَنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَغْفِر اللَّه لَهُ ذُنُوبه فَيُدْخِلهُ الْجَنَّة وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَاقِبهُ بِالنَّارِ ثُمَّ يُخْرِجهُ مِنْهَا وَيُدْخِلهُ الْجَنَّة وَإِذَا كَانُوا كَذَلِكَ لَمْ يَلِقْ أَنْ يَرِدُوا مَوْقِف الْحِسَاب عَلَى نَجَائِب الْجَنَّة ثُمَّ يُنْزِل اللَّه بَعْضهمْ إِلَى النَّار لِأَنَّ مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّه بِالْجَنَّةِ لَمْ يُهِنْهُ بَعْد ذَلِكَ بِالنَّارِ وَإِلَى هَذَا الْقَوْل ذَهَبَ الْغَزَالِيّ قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي التَّذْكِرَة : وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاض مِنْ أَنَّ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا أَظْهَر لِمَا فِي الْحَدِيث نَفْسه مِنْ ذِكْر الْمَسَاء وَالصَّبَاح وَالْمَبِيت وَالْقَائِلَة وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَة .
سنن النسائي بحاشية السندي والسيوطي .
ــــــــ
** نـار الحجاز – المدينة المنورة تحديداً – التي خرجت عام 654 هـ :
6585 – حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الْإِبِلِ بِبُصْرَى )
6585 – قَوْله ( عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب ) فِي رِوَايَة أَبِي نُعَيْم فِي الْمُسْتَخْرَج " عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب " . قَوْله ( حَتَّى تَخْرُج نَار مِنْ أَرْض الْحِجَاز ) قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي " التَّذْكِرَة " : قَدْ خَرَجَتْ نَار بِالْحِجَازِ بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَ بَدْؤُهَا زَلْزَلَة عَظِيمَة فِي لَيْلَة الْأَرْبِعَاء بَعْدَ الْعَتَمَة الثَّالِث مِنْ جُمَادَى الْآخِرَة سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَاسْتَمَرَّتْ إِلَى ضُحَى النَّهَار يَوْمَ الْجُمُعَة فَسَكَنَتْ ، وَظَهَرَتْ النَّار بِقُرَيْظَةَ بِطَرَفِ الْحِرَّة تَرَى فِي صُورَة الْبَلَد الْعَظِيم عَلَيْهَا سُوَر مُحِيط عَلَيْهِ شَرَارِيف وَأَبْرَاج وَمَآذِن ، وَتَرَى رِجَال يَقُودُونَهَا ، لَا تَمُرّ عَلَى جَبَل إِلَّا دَكَّتْهُ وَأَذَابَتْهُ ، وَيَخْرُج مِنْ مَجْمُوع ذَلِكَ مِثْل النَّهَر أَحْمَر وَأَزْرَق لَهُ دَوِيّ كَدَوِيِّ الرَّعْد يَأْخُذ الصُّخُور بَيْنَ يَدَيْهِ وَيَنْتَهِي إِلَى مَحَطّ الرَّكْب الْعِرَاقِيّ ، وَاجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ رَدْم صَارَ كَالْجَبَلِ الْعَظِيم ، فَانْتَهَتْ النَّار إِلَى قُرْب الْمَدِينَة ، وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يَأْتِي الْمَدِينَة نَسِيم بَارِد ، وَشُوهِدَ لِهَذِهِ النَّار غَلَيَان كَغَلَيَانِ الْبَحْر ، وَقَالَ لِي بَعْض أَصْحَابنَا : رَأَيْتهَا صَاعِدَة فِي الْهَوَاء مِنْ نَحْو خَمْسَة أَيَّام ، وَسَمِعْت أَنَّهَا رُؤِيَتْ مِنْ مَكَّة وَمِنْ جِبَال بُصْرَى . وَقَالَ النَّوَوِيّ : تَوَاتَرَ الْعِلْم بِخُرُوجِ هَذِهِ النَّار عِنْدَ جَمِيع أَهْل الشَّام . وَقَالَ أَبُو شَامَة فِي " ذَيْل الرَّوْضَتَيْنِ " : وَرَدَتْ فِي أَوَائِل شَعْبَان سَنَة أَرْبَع وَخَمْسِينَ كَتَبَ مِنْ الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فِيهَا شَرْح أَمْر عَظِيم حَدَثَ بِهَا فِيهِ تَصْدِيق لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيث ، قَالَ : فَأَخْبَرَنِي بَعْض مَنْ أَثِق بِهِ مِمَّنْ شَاهَدَهَا أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ كَتَبَ بِتَيْمَاء عَلَى ضَوْئِهَا الْكُتُب ، فَمِنْ الْكُتُب . . فَذَكَرَ نَحْو مَا تَقَدَّمَ ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ فِي بَعْض الْكُتُب : ظَهَرَ فِي أَوَّل جُمْعَة مِنْ جُمَادَى الْآخِرَة فِي شَرْقَيْ الْمَدِينَة نَار عَظِيمَة بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَة نِصْف يَوْم اِنْفَجَرَتْ مِنْ الْأَرْض وَسَالَ مِنْهَا وَادٍ مِنْ نَار حَتَّى حَاذَى جَبَل أُحُد . وَفِي كِتَاب آخَر : اِنْبَجَسَتْ الْأَرْض مِنْ الْحِرَّة بِنَارٍ عَظِيمَة يَكُون قَدْرهَا مِثْل مَسْجِد الْمَدِينَة وَهِيَ بِرَأْيِ الْعَيْن مِنْ الْمَدِينَة ، وَسَالَ مِنْهَا وَادٍ يَكُون مِقْدَاره أَرْبَع فَرَاسِخ وَعَرْضه أَرْبَع أَمْيَال يَجْرِي عَلَى وَجْه الْأَرْض وَيَخْرُج مِنْهُ مِهَاد وَجِبَال صِغَار . وَفِي كِتَاب آخَر : ظَهَرَ ضَوْؤُهَا إِلَى أَنْ رَأَوْهَا مِنْ مَكَّة ، قَالَ وَلَا أَقْدِر أَصِف عِظَمَهَا ، وَلَهَا دَوِيّ . قَالَ أَبُو شَامَة : وَنَظَمَ النَّاس فِي هَذَا أَشْعَارًا ، وَدَامَ أَمْرهَا أَشْهُرًا ، ثُمَّ خَمَدَتْ . وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي أَنَّ النَّار الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث الْبَاب هِيَ الَّتِي ظَهَرَتْ بِنَوَاحِي الْمَدِينَة كَمَا فَهِمَهُ الْقُرْطُبِيّ وَغَيْره ، وَأَمَّا النَّار الَّتِي تَحْشُر النَّاس فَنَار أُخْرَى . وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْض بِلَاد الْحِجَاز فِي الْجَاهِلِيَّة نَحْو هَذِهِ النَّار الَّتِي ظَهَرَتْ بِنَوَاحِي الْمَدِينَة فِي زَمَن خَالِد بْن سِنَان الْعَبْسِيّ ، فَقَامَ فِي أَمْرهَا حَتَّى أَخْمَدَهَا وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي قِصَّة لَهُ ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْدَة مَعْمَر بْن الْمُثَنَّى فِي " كِتَاب الْجَمَاجِم " وَأَوْرَدَهَا الْحَاكِم فِي " الْمُسْتَدْرَك " مِنْ طَرِيق يَعْلَى بْن مَهْدِيّ عَنْ أَبِي عَوَانَة عَنْ أَبِي يُونُس عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْس يُقَال لَهُ خَالِد بْن سِنَان قَالَ لِقَوْمِهِ إِنِّي أُطْفِي عَنْكُمْ نَار الْحِدْثَان فَذَكَرَ الْقِصَّة وَفِيهَا فَانْطَلَقَ وَهِيَ تَخْرُج مِنْ شَقّ جَبَل مِنْ حَرَّة يُقَال لَهَا حَرَّة أَشْجَع فَذَكَرَ الْقِصَّة فِي دُخُوله الشَّقّ وَالنَّار كَأَنَّهَا جَبَل سَقَر " فَضَرَبَهَا بِعَصَاهُ حَتَّى أَدْخَلَهَا وَخَرَجَ " وَقَدْ أَوْرَدْت لِهَذِهِ الْقِصَّة طَرَفًا مِنْ تَرْجَمَته فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَة . قَوْله ( تُضِيء أَعْنَاق الْإِبِل بِبُصْرَى )قَالَ اِبْن التِّين : يَعْنِي مِنْ آخِرهَا يَبْلُغ ضَوْؤُهَا إِلَى الْإِبِل الَّتِي تَكُون بِبُصْرَى وَهِيَ مِنْ أَرْض الشَّام " وَأَضَاءَ يَجِيء لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا ، يُقَال أَضَاءَتْ النَّار وَأَضَاءَتْ النَّار غَيْرهَا " وَبُصْرَى بِضَمِّ الْمُوَحَّدَة وَسُكُون الْمُهْمَلَة مَقْصُور بَلَد بِالشَّامِ وَهِيَ حَوْرَان . وَقَالَ أَبُو الْبَقَاء : أَعْنَاق بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ تُضِيء مُتَعَدٍّ وَالْفَاعِل النَّار أَيْ تَجْعَل عَلَى أَعْنَاق الْإِبِل ضَوْءًا ، قَالَ : وَلَوْ رَوَى بِالرَّفْعِ لَكَانَ مُتَّجِهًا أَيْ تُضِيء أَعْنَاق الْإِبِل بِهِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث آخَر " أَضَاءَتْ لَهُ قُصُور الشَّام " وَقَدْ وَرَدَتْ فِي هَذَا الْحَدِيث زِيَادَة مِنْ وَجْه آخَر أَخْرَجَهُ اِبْن عَدِيّ فِي الْكَامِل مِنْ طَرِيق عُمَر بْن سَعِيد التَّنُوخِيّ عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حَزْم عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب يَرْفَعهُ " لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى يَسِيل وَادٍ مِنْ أَوْدِيَة الْحِجَاز بِالنَّارِ تُضِيء لَهُ أَعْنَاق الْإِبِل بِبُصْرَى " وَعُمَر ذَكَرَهُ اِبْن حِبَّان فِي الثِّقَات وَلَيَّنَهُ اِبْن عَدِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ ، وَهَذَا يَنْطَبِق عَلَى النَّار الْمَذْكُورَة الَّتِي ظَهَرَتْ فِي الْمِائَة السَّابِعَة . وَأَخْرَجَ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ فِي آخِر حَدِيث حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ الَّذِي مَضَى التَّنْبِيه عَلَيْهِ " وَسَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى تَخْرُج نَار مِنْ رُومَان أَوْ رَكُوبَة تُضِيء مِنْهَا أَعْنَاق الْإِبِل بِبُصْرَى " . قُلْت : وَرَكُوبَة ثَنِيَّة صَعْبَة الْمُرْتَقَى فِي طَرِيق الْمَدِينَة إِلَى الشَّام مَرَّ بِهَا النَّبِيّ فِي غَزْوَة تَبُوك ذَكَرَهُ الْبَكْرِيّ ، وَرُومَان لَمْ يَذْكُرهُ الْبَكْرِيّ وَلَعَلَّ الْمُرَاد رُومَة الْبِئْر الْمَعْرُوفَة بِالْمَدِينَةِ ، فَجَمَعَ فِي هَذَا الْحَدِيث بَيْنَ النَّارَيْنِ وَأَنَّ إِحْدَاهُمَا تَقَع قَبْلَ قِيَام السَّاعَة مَعَ جُمْلَة الْأُمُور الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا الصَّادِق صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ وَالْأُخْرَى هِيَ الَّتِي يَعْقُبهَا قِيَام السَّاعَة بِغَيْرِ تَخَلُّل شَيْء آخَر ، وَتَقَدُّم الثَّانِيَة عَلَى الْأُولَى فِي الذِّكْر لَا يَضُرّ وَاَللَّه أَعْلَم .
فتح الباري شرح صحيح البخاري / للإمام ابن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى – .
تم بحمد الله سبحانه وتعالى وتوفيقه وعونه .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أخــوي على هذه المعلومات الرائعة . .

موضوع جديد بالنسبة لـــي ، وسعدت كثيــراً لقراءته . .

جزاك الله خيــراً على هذه الإفــادة . .

وفــي ترقب كل طروحــك القيّمة والرائعـــة . .

دمــت بحفظ الرحمـن ورعايته

يزاك الله خير
شكر الله لكما وصلكما العطـــــــــر وبارك فيكما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.