المعاصي جمع معصية والمعصية في للغة خلاف الطاعة وهي من عصى يعصي عصياً وعصياناً والمعصية اصطلاحاً ترك المأمورات وفعل المنهيات وقال الجرجاني العصيان ترك الانقياد لما أمر الله به أو نهي عنه وقد ورد ذكر المعاصي في القرآن الكريم والتحذير منها في مواضيع متعددة بألفاظ مختلفة ولخطر المعاصي وضررها العظيم على الفرد والأسرة والمجتمع والأمة حذَّرنا الله تعالى منها في كتاب العزيز أشد التحذير وتوعَّد فاعلها بشتى العقوبات في الدنيا والآخرة فقال:الله تعالى
لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ سورة النور
وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا: سورة الأحزاب
واجتناب المعاصي فرض عين على كل مسلم ومسلمة لقوله صلى الله عليه وسلم ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وقوله أيضا صلى الله عليه وسلم :إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها هذا وإنَّ فعل المعاصي والاقتراب منها هو انتهاك لحدود الله ملك الملوك وربِّ السموات والأرض وفي الحديث ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى : والله سبحانه تعالى حمى هذه الحرمات ومنع عباده من قربانها وسَّماها حدوده فقال الله تعالى في كتابه العزيز :تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ: سورة البقرة
وهذا فيه بيان أنه سبحانه وتعالى حدَّلهم ما أحلَّ لهم وما حرَّم عليهم فلا يقربوا الحرام ولا يتعدوا الحلال وكذلك قال في آية أخرى :تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ:
وجعل من يرعى حول الحمى أو قريباً منه جديراً بأن يدخل الحمى فيرتع فيه فكذلك من تعدَّى الحلال ووقع في الشهبات فإنه قد قارب الحرام غاية المقاربه وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي التباعد عن هذي المحرَّمات وأن يجعل الإنسان بينه وبينها حاجزاً
قال أبو الدرداء رضي الله عنه تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك بعض ما يراه أنه حلال خشية أن يكون حراماً حجاباً بينه وبين الحرام
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الله تعالى يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه وأيضاً لا أحد أغير من فلذا حرَّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحبَّ إليه المدح من الله عز وجل قال كعب رحمه الله تعالى إنما تزلزل الأرض إذا عمل فيها بالمعاصي فتُرْعَدُ فرقاً من الربِّ جلَّ جلاله أن يطلع عليها
وعن أبي الدررداء رضي الله عنه قال:(ليحذر امرؤ أن تلعنه قلوبل المؤمنين من حيث لا يشعر ثم قال تدري ممَّ قلت لا قال إن العبد يخلو بمعاصي الله فيُلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر وقال محمد بن كعب القرظي ما عُبِد الله بشيء أحب من ترك المعاصي
يا مدمن الذنب أما تستحي :والله في الخلوة ثانيكها
غرَّك من ربك إمهالهُ :وسَتْرهُ طول مساويكا
إن اقتراف المعصية والعياذ بالله يقضي على الحسنات مهما كانت عظيمة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لأعْلَمنَّ قوماً من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال تهامة بيضاء فيجعلها الله عز وجل هباءً منثوراً قال ثوبان : يا رسول الله صِفْهُم لنا أن لا نكون منهم نحن لا نعلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل ما تأخذون ولكنهم أقوام خلوا بمحارم الله انتهكوها
ولكم مني جزيل الشكر والتقدير : علي البستكي