تاريخ النشر: 02-نوفمبر-2009
خطبة الجمعة:18ذو القعدة 1445 الموافق : 6/11/2009م
وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ
وصفيُّهُ مِنْ خلقِهِ وحبيبُهُ القائلُ صلى الله عليه وسلم:
« مَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا»([2])
اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ أجمعينَ،
ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)([3])
وكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعظمَ مثالٍ لذلكَ، فكانَ صلى الله عليه وسلم
متسامِحًا معَ الناسِ، يعفُو عنهُمْ ويصفحُ، وقدْ سئلَتِ السيدةُ عَائِشَةُ رضيَ اللهُ عنهَا
عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشاً وَلاَ مُتَفَحِّشاً
وَلاَ صَخَّاباً فِى الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَجْزِى بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ ([4]).
قالَ تعالَى :(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا
السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ
فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ)([5]).
ليتوضَّأَ لِلصَّلاَةِ فَسَقَطَ الإِبْرِيقُ مِنْ يَدِ الْجَارِيَةِ عَلَى وَجْهِهِ فَشَجَّهُ،
فَرَفَعَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ رضيَ اللهُ عنهُمَا رَأْسَهُ إِلَيْهَا،
فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ :{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}
فَقَالَ لَهَا: قَدْ كَظَمْتُ غَيْظِي. قَالَتْ :{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}
فَقَالَ لَهَا: قَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْكِ. قَالَتْ :{وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قَالَ: اذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ([6]).
وبالعفوِ ينالُ المسلمُ مرضاةَ اللهِ وعفوَهُ يومَ القيامةِ،
يقولُ جلَّ جلالُهُ:( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)([7])
وبالعفوِ يكونُ العبدُ أقربَ للتقوَى، قالَ تعالَى 🙁 وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) ([8])
الحسنةُ فِي التسامحِ والعفوِ، فمِنْ مواقفِهِ صلى الله عليه وسلم
التِي تفيضُ حلمًا وسماحةً حينمَا فتحَ مكةَ إذْ قالَ صلى الله عليه وسلم
لِمَنْ آذَوْهُ وأخرجُوهُ مِنْ بلدِهِ :« يا مَعْشرَ قريشٍ ما تَظُنُّونَ أنِّي فاعِلٌ بكُمْ ؟»
قالوا: خيراً أخٌ كرِيمٌ، وابنُ أخٍ كريمٍ، قالَ:« فإنِّي أقُول لكُمْ
كمَا قالَ يوسفُ لإخوَتِه {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ }([9])
اذْهَبُوا فَأنْتم الطُّلَقَاءُ»([10]).
وتأسَّوْا بِهِ وطبقُوهُ فِي حياتِهِم العمليةِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضىَ اللهُ عنهُمَا-
قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ… فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ
قَالَ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ.
فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ بنُ قَيْسٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم
( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجِاهِلِينَ)
وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ،
وَكَانَ وَقَّافاً عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ([11]).
ومَا رفقَ أحدٌ بأحدٍ فِي الدنيَا إلاَّ رفقَ اللهُ بهِ يومَ القيامةِ([12])
وإذَا كانَ الإنسانُ مُطَالَبًا بالعفوِ عَنِ الناسِ فأولَى الناسِ بذلكَ زوجتُهُ وأولادُهُ وخادمُهُ،
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُمَا قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ أَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ؟ فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ أَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ؟ فَقَالَ :« كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً »([13]).
فيمَا بينَنَا ونصفَحَ عمَّنْ أساءَ إلينَا ابتغاءَ مرضاةِ اللهِ وطلبًا للثوابِ منهُ سبحانَهُ،
وإشاعةً للمحبةِ فِي المجتمعِ.
اللهمَّ وَفِّقْنَا لطاعتِكَ وطاعةِ مَنْ أمرتَنَا بطاعتِهِ.
أقولُ قولِي هذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي ولكُمْ.
وأشهدُ أنَّ نبيَّنَا محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ
وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ ومَنِ اقْتَفَى أثرَهُ وتأسَّى بسنتِهِ إلَى يومِ الدينِ.
واعلمُوا أنَّ الإسلامَ بدعوتِهِ إلَى العفوِ والتسامحِ استطاعَ
أنْ ينشُرَ قِيمَ الخيرِ والسلامِ فِي أرجاءِ الدنيَا مِمَّا أتاحَ بناءَ حضارةٍ تدعُو إلَى الرفقِ واللينِ،
قَالَتِ السيدةُ عَائِشَةُ رضىَ اللهُ عنهَا فِي وصْفِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم :
وَاللَّهِ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ فِى شَىْءٍ يُؤْتَى إِلَيْهِ قَطُّ([14])
قَالَ تَعَالَى:(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)([15])
ويَقُولُ الرسولُ صلى الله عليه وسلم:
« مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً»([16])
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ،
وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،
اللهُمَّ اجعلْنَا مِنَ المحسنينَ للناسِ العافينَ عنهُمْ،
اللهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنَ الخَيرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلِمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نعلمْ،
ونعوذُ بِكَ مِن الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وآجِلِهِ مَا عَلِمْنَا مِنهُ ومَا لَمْ نَعلمْ،
اللهمَّ إنَّا نَسألُكَ مِمَّا سَألَكَ منهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم
ونَعُوذُ بِكَ مِمَّا تَعوَّذَ مِنْهُ سيدُنَا مُحمدٌ صلى الله عليه وسلم
اللَّهُمَّ ارْحَمِ الشَّيْخَ زَايِدَ والشَّيْخَ مَكْتُومَ وإخوانَهُمَا شيوخَ الإماراتِ الذينَ انتقلُوا إلَى رحمتِكَ،
اللَّهُمَّ أَنْزِلْهُم مُنْزَلاً مُبَارَكًا، وأَفِضْ عَلَيْهِم مِنْ رَحَمَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ،
وَاجْعَلْ مَا قَدَّموا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِم يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ،
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا الشَّيْخَ خليفةَ بنَ زايدٍ وَنَائِبَهُ لِمَا تُحِبُّهُ وَتَرْضَاهُ،
وَأَيِّدْ إِخْوَانَهُ حُكَّامَ الإِمَارَاتِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ الأَمِينَ، اللَّهُمَّ اسقِنَا الغيثَ ولاَ تجعَلْنَا مِنَ القانطينَ،
اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا،
اللَّهُمَّ اسْقِنَا منْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لنَا منْ بَرَكَاتِ الأَرْضِ،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِكُلِّ مَنْ وَقَفَ لَكَ وَقْفًا يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى عِبَادِكَ،
اللَّهُمَّ بارِكْ فِي مَالِ كُلِّ مَنْ زَكَّى وزِدْهُ مِنْ فضلِكَ العظيمِ،
اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ الْمَغْفِرَةَ والثَّوَابَ لِمَنْ بَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ وَلِوَالِدَيْهِ،
وَلِكُلِّ مَنْ عَمِلَ فِيهِ صَالِحًا وَإِحْسَانًا،
وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لِكُلِّ مَنْ بَنَى لَكَ مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُكَ ولَوْ كَانَ كمفْحَصِ قطاةٍ،
اللَّهُمَّ أَدِمْ عَلَى دولةِ الإماراتِ الأمْنَ والأمانَ وَسَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.
وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)([17])
اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشكرُوهُ علَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ )
وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ
وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ(([18])
([2]) مسلم : 2588.
([3]) الأحزاب: 70-71 .
([4]) التِّرمِذي : 2024 .
([5]) آل عمران : 133- 134 .
([6]) شعب الإيمان للبيهقي 6/317 .
([7]) التغابن : 14 .
([8]) البقرة : 237 .
([9]) يوسف: 92 .
([10]) الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض :1/86.
([11]) البخاري : 4642.
([12]) روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لابن حبان 1/167 .
([13]) الترمذي: 1949 .
([14]) البخاري: 6786 .
([15]) الأحزاب : 56 .
([16]) مسلم : 384.
([17]) النحل : 90.
([18]) العنكبوت :45.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم آمين يآرب العآلمين ، ، ~
ربي يجعلنآ من الصآلحين المتسآمحين . .
ويهدينآ إلى صرآطه المستقيم ويرحمنا برحمته ~
شكراً على خطبة الجمعه والنقلة القيّمه وجزيت كل الخير !
عسى أن يستفيد منها الجميع ويتعظ & حفظك الرحمن
احترامي / بنت آل علي ~
,،
‘‘
‘
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يزاك الله خير مشرفنا ع هالخطبة الطيبة
جعل الله كل حرف في ميزان حسناتك
والله يوفقك ،، وعساك ع القوة
تقبل مروري .. وربي يحفظك
‘‘‘
‘‘
‘
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم آمين يآرب العآلمين
تسلم اخوي الحبوب على الخطبة
الله يجريك الخير
اللهم امييين
آآمين يارب ،،
خطبة جميلة جدا لما تحمل من خصال المسلم التقي
الذي يجعل من الرسول صلى الله عليه وسلم خير قدوة في حياته ،،
تتبعها دعوات تشرح البال ،، آآمين يارب ،،،
اللهم اجعلنا من المسلمين الخالصين لعبادتكِ ،، وإهدنا إلى الطريق القويم ،،
،،
جزاك الله خير مراقبنا الموقر الحبّوب ،،
رضي الله عنك دوما وأرضاك ..
وأترقب كل جديدك القيم الذي يعود بالفائدة علينا ،،
فلا تحرمنا من لذة الإستمتاع والإستفادة من مثل تلك الإطروحات ..
والله يحفظك ..