أمد/ ستوكهولم / عن دار ‘أطلس’ في ستوكهولم أصدرت الصحافية السويدية، لوتّا سشيلركفيست كتابها الأول ‘سر المارنا… قص من غزة’، تتناول فيه قصص مختلفة من الحياة اليومية في غزة، لتكشف بعض أسرار الحياة التي تغيب عما تتناقله وسائل الإعلام.
ويتناول الكتاب الذي صدر الأسبوع الماضي، باللغة السويدية، بين طيات صفحاته المائة والثمانين حكايات عن الحب والنسيج الاجتماعي والإصرار على الحياة والبزنس والسياحة والتاريخ… وأشياء أخرى نقلتها لوتّا عبر قصص متفرقة لأشخاص وعائلات غزية كنماذج وأمثلة لأوجه غزة المخفية.
غزة من خلال عيون ربة البيت، والسائق، والصحفي، ورجل الأعمال والمهتمين بالآثار، والعمال، والطبقات المختلفة في المجتمع، كل هذه القِطع الفسيفسائية شكلت لوحة ضخمة كشفت ‘سر المارنا’ وأماطت اللثام عن أوجهاً مختلفة لغزة تختلف عن تلك التي نراها في النشرات الإخبارية.
وفي لقاء مع وكالة ‘وفا’ قالت لوتّا، إن فكرة الكتاب تكمن في أنها قررت أن تكتب قصص ما وراء الأخبار، ولنشر ما لم تستطع نشره في الأخبار التي ترسلها إلى الصحف التي عملت معها.
وتضيف: ‘حاولت أن أضفي بعض اللون على الصورة الأبيض والأسود لغزة، وأن أكسر التابوه القائل أن أهل غزة إما إرهابيين أو ضحايا، فهم مواطنون لهم حياتهم وأحلامهم ويتمتعون بإنسانية عالية لا تقل عن أي إنسان على وجه الأرض’.
وأشارت لوتّا إلى أنه بعد 7 سنوات من العمل كمراسلة وكاتبة أخبار، رأت وسمعت ومرّت بالكثير من الوقائع والأحداث التي لم تستطع كتابتها في الأخبار، قررت وضع الكتاب الذي ينقل قصص ما وراء الأخبار، ‘عند مقتل عدد من الفلسطينيين ننقل خبر القتل، ونتناول الحدث، حدث من ماتوا، لكن الكتاب يتحدث عن قصص من هم أحياء، تفاصيل لا نتطرق إليها في الأخبار.’
وعملت لوتّا منذ عام 2024 مراسلة مستقلة لعدد من الصحف والمجلات الأوروبية على رأسها كبرى الصحف السويدية ‘Dagens Myheter’ (أخبار اليوم).
وتستسهل الكاتبة إصدارها الأول بأبيات شعر (مترجمة) من قصيدة ‘حالة حصار’ للشاعر محمود درويش، ثم تلج في دهاليز ذاكرة المكان لتصف فندق ‘المارنا هاوس’ الذي تأسس سنة 1946 والتغيرات التي طرأت عليه منذ أول مرة تقيم فيه قبل 7 سنوات، ربما قصدت أن تشير إلى سرعة النمو والحياة في غزة، لكن الواضح أن لها مغزى آخر تمثل في ما يحمله هذا الفندق من ذكريات وما يخبئ بين جدرانه من قصص وحكايا وأسرار تروي من خلالها جزء من تاريخ غزة، سيما وأنه تأسس قبل النكبة (1948).
وفي ‘المارنا’ نفسه تعرج الكاتبة على قصة أبو منير، (74 عاما) الذي يعمل في الفندق منذ أن كان عمره 9 سنوات، تكشف قصته عن قصص أخرى مختلفة تطال مناحي مختلفة من الحياة في غزة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وتتناول الكاتبة التنوع والاختلاف الاجتماعي، وربما قصدت النظام الطبقي في غزة عبر الحديث عن عائلة لاجئة مسحوقة، هُجرت عام 1948 من قرية ‘زرنوقا’ (قرب عسقلان) إلى غزة، وتمّزّق العائلة وتفرقها بين غزة وأوروبا بفعل النكبة، أو النكبات، كيف تدير العائلة شؤونها، وعلاقة المرأة بالأطفال وزوجها، وما لفت انتباهها، حرص الرجل وحفاظه على كرامته ولو تضور جوعا، حيث يرفض أحدهم مساعدة من أهل زوجته باعتبارها خارقة للرجولة… هذا ما لمسته هي خلال زيارتها لأول مرة مدينة غزة عام 1984.
وتدخل الكاتبة في تفاصيل غير مسبوقة عبر مشاركة النسوة حياتهن. في حين تتوجه للنقيض عبر الحديث عن عائلة الشوا وتاريخها، إحدى أعرق عائلات المدينة، وكيف أداروا أعمالهم (البزنس) في أوقات الأزمات.
قصة السائق ‘أشرف’، الذي ينقل الصحافيين من معبر بيت حانون (إيرز) إلى غزة وأزقتها، كان له نصيب من الكتاب، تكشف قصته جزءاً من التركيبة الاجتماعية لغزة وقضية الزواج المبكر. ناهيك عن قصته هو كنموذج الفلسطيني المكابد الذي يعيل عائلة مكونة من أكثر من 10 أفراد، لم ينه تعليمه المدرسي، وتعلم اللغة الانجليزية بشكل فردي وأصبح يقوم بواجبات منتج الأخبار، وأصبح معتمد على عدد كبير من مراسلي الصحف والمحطات التلفزيونية الإخبارية.
كذلك المصور الصحافي ‘محمد’ الذي فاز بجوائز عالمية، تكشف قصته صعوبة العمل كصحفي في غزة، ويروي- بجلب قصته- حقائق ‘ما وراء الأخبار’.
ولم يغب الحب عن غزة، وبالطبع عن ‘سر المارنا’، وتتناول الكاتبة قصة حب ناجحة بين شاب وفتاة، تطورت إلى أن تزوجا وكونا عائلة وتخرج معظم أولادهم من جامعات أوروبية.
كما تتناول الكاتبة الجانب (الأركيولوجي) لغزة، ورغم جهودها للابتعاد عن اللون السياسي إلا أن تناولها لقضية الآثار- تاريخ غزة- ألصقتها بالوضع السياسي لتتناول سرقة إسرائيل ووزير دفاعها موشي ديان للآثار الفلسطينية سيما في مدينة دير البلح، وفي هذا الإطار (الأركيولوجي) تشير الكاتبة إلى عدد من الفلسطينيين المهتمين بعلم الآثار ومن يحتفظون بقطع أثرية افتتحوا بها متاحف خاصة في بيوتهم أو مشاريع سياحية.
وتشير إلى اكتشاف بعض علماء الآثار الفرنسيين والسويديين آثار كبيرة في الجانب الغربي الشمالي للمدينة، أوقفت السلطة الوطنية عمليات بناء لأجلها ولتحويلها إلى مشاريع سياحية، إلا أن اندلاع انتفاضة الأقصى (عام 2000) أوقف هذه المشاريع.
وليس من السهل الحديث عن غزة دون الإشارة إلى الحروب التي مرت بها منذ عقود خلت، وسلطت الكاتبة الضوء على إحدى المعارك بين الجيش العثماني والجيش الانجليزي في الحرب العالمية الأولى، تلك المعركة التي دمرت غزة، وهذا أحد أسباب شح المباني الأثرية في غزة. وهي المباني الجميلة –كما يقول الكتاب- التي وصفها راهب سويدي انتقل من مدينة الإسكندرية في مصر إلى القدس على صهوة جواده، مروراً بغزة، وفيها يصف المدينة الساحرة ببحرها وفواكهها وبيوتها ورمالها قبل 150 عاما (1850).
تبقى الإشارة إلى سر ‘المارنا’، هذا الاسم الذي حمل أكثر من احتمال، فربما لأن ‘المارنا هاوس’ كان جزءاً من التاريخ، أو هو إشارة للإله ‘مارنا’، في غزة، الذي تقول المعتقدات التاريخية المختلفة إنه إله الحب والخصب، في عصر الملكة هيلانة، وعبده أهل غزة، وبعضها يعتقد أنه إله البحر، ومعتقدات أخرى تقول إنه رب الأرباب، في كل الأحوال تبقى غزة هي بيت الإله مارنا ‘مارنا هاوس’.
يعطيك العافية
يعطيهــآ العآفية على هذه الفكــرة ،
أتمنى أن يؤدي هذا الكتآب دوراً إيجابياً في توضيح
الصــورة المغشـــآة ، وإظهـآر الوجه
النقــي من حيــآة الفلسطينييــن ، والتي يحآول الإعلآم
جاهداً طمسهــآ ومحي معآلمهــــآ . .
يعطيك العافية أخوي الكريم على طرحك للخبر
دمت بحفظ الرحمن وعآيته