يعتبر الانسان مذنباً يستحق العقوبة إذا توفرت فيه أربع صفات وشروط رئيسية حين إقدامه على المعصية أو الجريمة، والشروط هي كما يلي:
الشرط الأول:
أن يكون المذنب قد بلغ سن التكليف الشرعي فإذا أقدم على المعصية قبل ذلك فلا يعد مذنباً،
لأنه غير مخاطب بالأحكام الشرعية حسب تعبير الفقهاء،
نعم قد يتحمل ـ في الدنيا ـ بعض الأحيان مسؤولية ما ارتكبه من جرم
أو اعتداء على حقوق الناس كما يقرر ذلك القضاء الاسلامي
الذي روعيت في أحكامه وقوانينه مصلحة حفظ النظام الاجتماعي وتربية الفرد والمجتمع.
الشرط الثاني:
أن يكون المذنب عالماً بحرمة ما ارتكبه من جرم وما اقترفه من معصية،
أما إذا كان ناسياً أو مخطئاً أو مشتبهاً أو جاهلاً، وكان جهله من غير تقصير
ولا إهمال فلا يعتبر مذنباً شرعاً ولا يحاسبه الله تعالى يوم القيامة على فعله هذا،
لأن ذلك خلاف قاعدة اللطف بعباده، والتي هي من صفاته الكمالية ـ جل ذكره ـ (وهو اللطيف الخبير) الملك/ 14،
نعم قد تناله بعض العقوبات القانونية في الدنيا انطلاقاً من المصلحة الاسلامية التي أشرنا إليها في الشرط الأول.
الشرط الثالث:
أن يكون المذنب عاقلاً حين إقدامه على المعصية،
وقد ارتكبها بكامل وعيه متوجهاً إلى ضررها قاصداً فعلها،
وهو ما يعبر عنه في القانون الوضعي ارتكاب الجريمة مع سبق الإصرار.
وبهذا الشرط يسقط العقاب عن المجنون وما شابهه والمكره وما يلحق به،
لأن الأول يفتقر إلى العقل، والثاني لم يكن قاصداً المعصية، بل لم يقدم علياه بملئ إرادته.
الشرط الرابع:
أن لا يكون المذنب مضطراً إلى ارتكاب المعصية والتلبس بالجريمة
(فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه) البقرة/ 173.
فإذا تمت هذه الشروط في مرتكب الجرم وقت تلبسه به
يصبح حينئذ مذنباً من جهة شرعية، وتجب عليه المبادرة للتوبة.
ويستدل فقهياً على ضرورة توفر هذه الشروط فيمن يسمى عاصياً بالنصوص الشرعية المعتبرة،
والتي منها قوله سبحانه:
(ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته
على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به،
واعف عنا واغفر لنا وارحمنا) البقرة/ 286.
وقوله سبحانه: (إنما حرّم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ما أهل لغير الله
فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) ا لبقرة/ 173.
وقوله تعالى: (ومَن كفر بالله من بعد إيمانه إلا مَن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان
ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) النمل/ 106.
وروي عن أهل البيت (ع) أحاديث كثيرة تشير إلى هذه الشروط، وأهمها
ما ورد عن رسول الله (ص) في حديث الرفع الذي قال فيه:
((رفع عن أمتي أربع خصال: خطأوها ونسيانها وما أكرهوا عليه، وما لم يطيقوا،
وذلك قول الله عزوجل: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا،
ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا،
ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به)،
وقوله: (إلا مَن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) )).
وفي حديث آخر عن رسول الله جاء فيه:
وضع عن أمتي تسع خصال: الخطأ والنسيان وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه،
وما استكرهوا عليه والطيرة والوسوسة في التفكر في الخلق والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد.
مقوول
لا هنتي
الصغيرونه
على الموضوع الجميل
وجزاج الله خير