الحمد الله على فضله وإنعامه, أغنانا بحلاله عن حرامه وكفانا بفضله عمن سواه, واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ولا نعبد إلا إياه واشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه وسلما تسليما كثيرا
أما بعد,
أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن المأكل والمشارب يترتب عليها أثار حميدة أو أثار سيئة على الأبدان فان كانت من الطيبات فإنها تؤثر في القلوب والأبدان تأثيرا حسنا وان كانت خبيثةً فإنها تؤثر على القلوب والأبدان خبثاً وضرراً ولهذا قال الله سبحانه وتعالى { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين)) وتلا هاتين الآيتين الكريمتين ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يأرب يأرب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنا يستجاب لذلك)) وجاء في الحديث : (( كل جسماً نبت من السحت فالنار أولى به)),
والله جل وعلا أباح لنا الطيبات وهو كل طاهر لا مضرة فيه, فكل طاهر لا مضرة فيه فانه مباح, وحرم علينا كل نجس وكل مافيه مضرة وهذا كما في قوله تعالى في وصفه صلى الله عليه وسلم في التوراة { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ } فما نص الله على انه حلال أو رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنه حلال, قال تعالى { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } وقال تعالى { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ } وقال تعالى{ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ },
وما نص الله على انه حرام فانه حرام قطعاً كالميتة قال تعالى { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } وقال تعالى { وَحَرَّمَ الرِّبَا } وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الرشوة وحرم الله جل وعلا الميسر وهي القمار وقرنه مع الخمر قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ *** إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } والميسر هي القمار الذي يسمونه يانصيب وكذلك المراهنات, المراهنات التي تؤخذ عليها الأموال فإنها من الميسر وكذلك كل بيعا فيه غرر وكل معاملة فيها غرر وجهالة ولا تُعلم وأنما تُبنى على المخاطرة والغرر والجهالة فإنها هي الميسر وهي القمار الذي حرمه الله سبحانه وتعالى,
ومن ثما قال العلماء يشترط لصحة البيع أن يكون المبيع مباحاً فلا يجوز بيع المحرمات ويشترط أن يكون الثمن والمُثمن معلومين فلا يجوز بيع المجهول ولا بالثمن المجهول وان يكونا كل من المبيع والثمن مقدورا على تسليمه, شروطاً ذكروها في كتاب البيع إذا لم تتوفر فان البيع غير صحيح وضوابط واضحة بينه للحلال والحرام وأما مالم ينص في الكتاب والسنة على انه حلال أو حرام فهذا يرجع فيه إلى أهل العلم والبصيرة فما اجمعوا على انه حلال أو على انه حرام فأنه حلال أو حرام قطعاً لإجماعهم, لقوله صلى الله عليه وسلم : ((لاتجتمع أمتي على ضلالة)) وقد أجمعوا على تحريم الربا وعلى تحريم الميسر وهو القمار وعلى تحريم الرشوة وعلى تحريم أكل الأموال بغير حق, أجمعوا على هذا إجماعا قطعياً لا شك فيه, فيجب العمل بذلك والتوقف عن ما أجمعوا على تحريمه وأخذ ما أجمعوا على حله, أما ما أختلفوا فيه فإنه من المتشابه الذي يكون موقف المسلم فيه التوقف أستبراءاً لدينه وعرضه حتى يتبين أمره, قال صلى الله عليه وسلم: (( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس, فمن أتقى الشبهات فقد أستبرء لدينه وعرضه, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام, كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه, الا وأن لكل ملك حمى الا وان حمى الله محارمه, الا وان في الجسد مضغه أذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله, الا وهي القلب))
فدل هذا على أن الواجب على المسلم أن يأخذ ما أحله الله ويترك ما حرم الله وما أشتبه ولم يتبين أمره فأنه يتوقف فيه حتى يتبين له أمره أما بإجماع العلماء إما أن يأخذ بفتاوى الراسخين في العلم ممن عرفوا بالعلم والتقوى والورع ويأخذ بفتواهم ويترك الأقوال الشاذة والفتاوى الرخيصة التي لم تبنى على دليل وإنما بنيت على جهل أو هوى, فالواجب على الإنسان أن يستبرأ لدينه وعرضه وأن لا يفتح لنفسه باب التساهل أو أن يُحمل الناس مسؤوليته ويقول هذا بذمة فلان وفلان أفتى بكذا وفلان قال كذا,لا تبرأ الذمة بهذا إلا أن ترجع إلى الضوابط التي وضعها الله ورسوله أذا كنت تريد النجاة لنفسك, أما أذا كنت تريد الطمع ولا تسأل عن الطريق فأنت وما اخترت لنفسك والله المستعان واليه المرد وعنده الحساب سبحانه وتعالى.
فأمور الحلال والحرام وأمور المكاسب أمور مهمة وأمور خطره يجب على المسلم أن يتفقه فيها, وأن لا يقدم إلا على شيء تطمئن إليه نفسه ويرتاح له قلبه, وأما ما تنفر منه النفس أو لا يقتنع به القلب فأن المسلم يتجنبه قال صلى الله عليه وسلم: ((البر ما أطمئنت إليه النفس والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس)) أما الذي يتبع هواه ويريد المال من أي طريق, فهذا هو الذي ضيع نفسه, أفرض أنه حصل على أموال كثيرة فإنها تكون وبال عليه عاجلاً وآجلاً, فهو يتعب في تحصيلها ويتحمل حسابها عند الله سبحانه وتعالى, وفي الأثر : فإن ما قل وكفى خيراً مما كثر وألها.
حتى الحلال أذا الهاك عن طاعة الله فإنه لا يجوز لك قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } وليس الغرض من جمع المال أن الإنسان يصبح ثرياً وعنده أرصده بل الغرض من تحصيل المال أولاً أن ينظر في طريق وصوله إليه هل هو من طريق سليم أو من طريق غير سليم؟
ثانياً أذا حصل عليه فأنه يستعمله في طاعة الله سبحانه تعالى ومنافعه وما أباح الله له وفي طاعة الله بإخراج زكاته وأن ينفق على من تجب نفقته عليه وأن يتصدق منه وأن يحسن كما أحسن الله أليه هذا هو المقصود من المال, فلابد من الفقه في تحصيله أولاً ثم الفقه في تصريفه ولهذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يضرب من لا يحسن البيع والشراء ويمنعه من الدخول في أسواق المسلمين حتى يتفقه في أحكام البيع والشراء, فالأمر مهم جداً فاتقوا الله عباد الله واحتاطوا لأنفسكم واحذروا من الانسياق وراء الأطماع واحذروا من الجشع والطمع, ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من البيان والذكر الحكيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب فا استغفروه أنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنه وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً
أما بعد,
قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أدعو الله أن يجعلني مجاب الدعوة, قال صلى الله عليه وسلم: ((يا سعد أطب مطعمك تُجب دعوتك)) وهذا كما في الحديث يمد يديه إلى السماء يأرب يأرب ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام, قال فأنا يستجاب لذلك.
أنكم في هذه الأيام تسمعون أو ربما أن بعضكم وقع فيما حصل من قضية الأسهم التعامل بالأسهم, وكم حذر أهل العلم وأهل البصيرة كم حذروا من عدم التسرع وكم حذروا من عدم المبالاة وكم نهوا عن ذلك و أمروا بالتأني والتثبت ولكن الأطماع أخذت كثيراً من الناس فا وقعوا فيما وقعوا مما لا يحسدون عليه الآن, منهم من مات قهراً ومنهم من خُبل عقله ومنهم من وقع مريضاً ومنهم من أُثقل بالديون نتيجة أنهم باعوا أملاكهم واستدانوا وجمعوا ما لديهم وقدموه في هذه المخاطرات فا آل بهم الأمر إلى مالا يخفاكم.
كل هذا نتيجة التسرع وعدم المبالاة وعدم الأخذ بمشورة الناصحين, ولا ندري بما ينتهي الأمر عليه ولكن نقول اللهم سلم سلم ولعل فيما وقع موعظة لمن بقي في قلبه عقل أو تفكير أن يرجع إلى الصواب وأن يقنع بما أحل الله له وأن لا يغامر في هذه المعاملات المجهولة هذه المعاملات المشبوهة الا يغامر فيها,
فقد تعطلت الأسواق الآن تعطل البيع والشراء في العقارات تعطل البيع والشراء في المواشي والأقمشة والأطعمة تعطل البيع في التجارات المعروفة النقية وأنصرف الناس إلى التعامل بهذه الأسهم وهذه الشركات وهذه الأمور التي لا يُعلم مداها فكانت النتيجة أو كانت بعض النتيجة والله أعلم بما تؤول إليه الأمور كانت النتيجة ما سمعتم مما لا يخفاكم.
فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى وأن لا يغامر فقد تعطلت الأعمال الآن حتى الموظف أصبح لا يؤدي الوظيفة على الوجه المطلوب وإنما ينشغل مع الشاشة ومع الأسهم ولا يؤدي عمله فإنما يحضر بصورته وأما قلبه فهو مع الشاشة مربوطاً فيها, حتى في الصلاة كثير منهم لا يعقل الصلاة يحضر جسمه وقلبه مع الشاشات ومع الأسهم يفكر فيها, فأنصرف الناس عما ينفعهم في دينهم ودنياهم إلى مجهول العاقبة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فعلى المسلم أن يتقي الله وأن لا ينجرف مع الدعايات ومع أصحاب الأطماع الذين روجوا على الناس ليأخذوا أموالهم ويثقلوهم بالديون والغرامات أو الخسارات التي لا طاقة لهم بها, فا اتقوا الله عباد الله, قال صلى الله عليه وسلم: ((لن تموت نفساً حتى تستكمل رزقها وأجلها, فا اتقوا الله وأجملوا في الطلب)).
أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وعليكم بالجماعة فأن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار,
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
خطبة الجمعة 17 صفر 1445هـ للشيخ العلامة الإمام صالح الفوزان حفظه الله
يعني ألحين الأسهم حراااااااام !!!!!
زين لو إنا نعرف شو الأشياء اللي يتاجرون فيها
شرات بنك دبي الاسلامي …
ع العموووم
تسلم أخوووي " الاسد السلفي "
على الموضوع والفاديه الطيبه
ويزاك الله خير
**********drawGradient()
* حزوووووووووووووووووووووووووون *