قال تعالى في محكم كتابه :} هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ "{ الزمر : 9"
مما دلت عليه الآية الكريمة نفي الله سبحاه وتعالى للتسوية بين من يعلم ومن لا يعلم , وبالتالي للعلم فضل لا يخفى على أحد والآية تعم في ذلك الرجال والنساء , فالنساء اللواتي يعلمن لسن كأحد من النساء اللواتي لا يعلمن , ومما ابتليت به الأمة في زماننا هذا عزوف النساء عن طلب العلم الشرعي وذلك لإدعاء بعضهن أننا كنساء ليس مطلوب منا طلب العلم , وكان لا بد أن نبين أهمية طلب العلم الشرعي للمرأة ولماذا عليها ذلك …
لماذا تطلب المرأة العلم :
1- لفضله الكبير كما روى أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، وصححه ابن حبان عن أبي الدرداء مرفوعا : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا دينارا ، ولا درهما إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر " .
2- للأجر المترتب عليه وحسبك قوله – صلى الله عليه وسلم:" من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " ، رواه مسلم ، وأصحاب السنن عن أبي هريرة.
3- لزيادة الأيمان عند طالبته , فمعرفة الله توجب محبته ومحبته توجب طاعته وبالطاعة يزيد الإيمان .
4- رفع الجهل عن النفس وعن الناس , فمتى تعلمت المرأة فأنها ترفع الجهل عن نفسها فتعرف أحكام العبادة والطهارة وغيره من الأمور الشرعية وبتبليغها لهذا العلم رفع الجهل عن النساء أمثالها وربما يتعدى النفع إلى أكثر من ذلك .
5- المرأة هي أساس البيت وهي التي تتولى تربية أبناءها , فلذلك على المرأة أن تتعلم العلم لكي تنتج جيلاً صالحاً متعلماً يعيد للأمة مجدها وعزتها , أما إذا كانت جاهلة فتعساً لجيل سيخرج من تحت يديها.
6- العلم سلاح للمرأة تشهره في وجه أرباب الفتن وأصحاب القلوب المريضة , وهو درعها الواقي من الحملات التي تشن على المرآة المسلمة من أعداء الدين والفضيله عاملهم الله بما يستحقون .
7- لإصلاح الفساد الذي ملأ أوساط النساء فأكثر المخالفات الشرعية تكون عند النساء والعمل بغير علم , وقد يكون شاقاً على الرجال أن يدخلوا في تلك الأوساط ويعلموهن فتقوم المرأة المتعلمة بذلك مما يسد ثغرا من مثل هذه الثغور .
8- لتؤدي حقوقها كأبنة وزوجة وأم , فالابنة عندما تتعلم تعرف حقوق والديها وإخوانها وجميع أرحامها فتعاملهم بالمعروف , والزوجة عن تتعلم تعرف حقوق زوجها وواجب طاعته وتكون عوناً لزوجها على الخير وقد جعلها رسول الله من خير متاع الدنيا كما في الحديث "الدنيا متاع وخيرها المرأة الصالحة" رواه الإمام مسلم , والأم عن تتعلم تحسن تربية أبناءها وتؤدي إليهم حقوقهم .
9- لتبتعد عن مغبة العمل بغير علم وأتباع الهوى "وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّه", ولكي تعبد الله على بصيرة ونور .
10- لتشغل نفسها بالحق قبل أن تشغلها بالباطل فالفراغ مفسدة عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) [رواه البخاري] .
11- لكي تكمل تقواها فأنها مقرونة بكمال العلم فمعرفة الله ودينه وشرعة موجبة لإنقياد العبد ويستحق بذلك أن يكون من المتقين .
12- ليرفع الله قدرها ومقامها " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" .
13-لتزكي بها نفسها قال ابن تيمية في المنهاج :" ولهذا تجد أهل الانتفاع به يزكون به نفوسهم ، ويقصدون فيه اتباع الحق لا اتباع الهوى ويسلكون فيه سبيل العدل والإنصاف ، ويحبونه ويلتذون به ، ويحبون كثرته وكثرة أهله ، وتنبعث هممهم على العمل به وبموجبه ومقتضاه. ، بخلاف من لم يذق حلاوته وليس مقصوده إلا مالا أو رياسة ، فإن ذلك لو حصل له بطريق آخر سلكه ، وربما رجحه إذا كان أسهل عليه .
14- لتقتدي بسلفها الصالح فكان لهن في طلب العلم شأن عجيب وخير دليل كتب السير والتاريخ فمنهن المحدثات ومنهن المفسرات وغير ذلك ,وعلى رأسهن زوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فقد قال عنها عروة بن الزبير (( ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة)).
15- لتكون ممن اختار الله لهم الخير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" رواه البخاري، ومسلم .
16- لتكون سبباً في حفظ شريعة الله , وإظهار الحق وتبينه وتزيينه وإبطال الباطل ودحضه بكل ما تقدر عليه من عبارة وبرهان وغير ذلك.
هذا جهد المقل , ولطلب العلم على المرأة فوائد كثيرة لا يمكن أن نحصيها لكنها تستشعرها هي عندما تخوض هذا الأمر , وأوصي نفسي وأخواتي بأن يحرصن على على طلب العلم والإخلاص فيه وتجديد النية , والعمل بما يعلمن , والتوقف عند عدم العلم فتقول لا أعلم فهي نصف العلم , وليشحذن الهمة في طلب العلم فالأمة بأمس الحاجة لهن.
هذا وما كان من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ فمني و من الشيطان وأستغفر الله العظيم منه .
وفق الله الجميع للهدى والصواب، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .
للنساء فقط
تسلم على الطرح المميز ; ..
و في ميزان حسناتك ; ..