الزواج بين الأقارب عادة عربية قديمة معروفة في مجتمعاتنا منذ القدم، وقد تختلف الأسباب التي تحدو العوائل إلى أن يكون الزواج مقصوراً بينها، قد تكون تفاخراً بقبيلتهم أو تكون لحفظ الرئاسة في تلك العائلة، أو لأسباب اقتصادية.
ولهذه العادة سبب أساسي لظهور بعض الأمراض الوراثية التي تؤثر على الهيكل العظمي ولما لها من تأثير بالغ على تطور البنية البدنية لأفراد المجتمع وسلامتهم ليكونوا سالمين أصحاء. تطورت الأمراض الوراثية بسبب تغيرات في جينات الأشخاص التي تنقل الصفات الوراثية الضارة منها والمفيدة. وهذه الصفات إما أن تكون صفات وراثية متغلبة والتي تظهر بنسبة 50%، أو تكون صفات متنحية وتظهر بنسبة 25% وتزداد احتمالات الظهور إذا كان الزوجان أقارباً.ومن هذه الأمراض الوراثية الشائعة الطول المفرط أو القصر المفرط، وهما صفتان ملاحظتان في بعض العوائل تتوارث بينها، وحيث إن كلاً منهما قد لا يكون مرضاً بحد ذاته، وفإن القصر المفرط عند السيدات قد يؤدي إلى عسر الولادة إذا كان طول السيدة أقل من 150 سنتيمتراً، وهناك مرض الضمور الغضروفي في عظام الأطراف الوراثية، الذي يحمل الصفة المتغلبة، ويبدو فيه الشخص قصير الأطراف السفلى والعليا بالنسبة لطول الجذع والصدر.
هؤلاء الأشخاص يبدون قصيري القامة إلى درجة تصح تسميتهم أقزاماً، وهم طبيعيو القوى العقلية مما يحدو بهم للزواج والإنجاب، أما مرض النتوءات العظمية المتعددة على عظام الأطراف والأضلاع هو مرض وراثي متغلب الصفة يؤدي إلى تشوهات في عظام الأطراف العليا والسفلى والآلام تنتج عن احتكاك هذه النتوءات العظمية على الأعصاب والجلد والعضلات، وقد تدفع المصاب مضطراً إلى إجراء عمليات جراحية متعددة.
أما التشوهات على القدم (تقوس القدم الولادي وخلع مفصل الورك الولادي) فهما يحتاجان إلى عمليات جراحية قد تكون متعددة وعلى مراحل، إذا ما أريد للطفل أن يمشي سليماً، وهذه الأمراض جميعاً تزيد نسبة ظهورها في زواج الأقارب.
الأمراض الوراثية
وبعد ذكر هذه الأمراض والصفات التي قد لا تودي بحياة المريض أو انه يمكن التعامل معها بالعلاج والجراحة، فإنه لا يمكن اغفال بعض الأمراض الوراثية التي تكون صعبة العلاج، ولا يكون بمقدور الوالدين الحصول عليه والتي تودي في أغلب الأحوال بحياة الفرد في سن الطفولة ونسبتها عالية في زواج الأقارب.
منها مرض نقص العظم الوراثي، ومرض عدم ظهور تجويف العظام الوراثي، مما يؤدي إلى سهولة كسر العظم في كلا الحالتين، ويتعرض حديثو الولادة إلى كسور متعددة في أماكن كثيرة على عظام الأطراف والأضلاع، ويعاني الطفل في المرض الثاني إلى نقص في مكونات الدم الخلوية الحية، كريات الدم الحمراء والبيضاء، وصفائح التخثر، إن معظم حالات حديثي الولادة المصابين بهذه الأمراض يتعرضون إلى الوفاة في سن مبكرة.
وهناك كذلك التشوهات العضلية الوراثية من نوع Duchnne muscular dystrophy الشديد الحدة، ونوع Becker muscular dystrophy الأقل خطراً، وهما مرضان وراثيان متنحيا الظهور يصيبان تكوين العضلات، مما يؤدي إلى تضخم العضلة وعدم قدرتها على التقلص والانبساط، لتساعد المصاب على الحركة والتنفس، فهي طالما تكون مميتة أو تتطلب إمكانات طبية وموارد متقدمة للتعايش معها، ومثلها مثل ضمور الخلايا العصبية التي تصيب الأعصاب المحيطية التي تغذي عضلات الأطراف العليا والسفلى والأضلاع، إن حديثي الولادة المصابين به يفقدون الحياة لعدم قدرتهم على التنفس.
الفحص قبل الزواج
إننا حين نذكر هذه الأمراض والصفات الوراثية في زواج الأقارب يطيب لنا أن نؤكد أهمية الفحوصات الطبية قبل الزواج، خاصة إذا كان الزوجان من الأقارب للكشف عن الأمراض العامة والأمراض الخاصة والتأكد من نسبة ظهورها في المواليد.
أما الفحوصات الجينية المعقدة فتكون ملائمة للأزواج الذين قد أنجبوا طفلاً يحمل إحدى هذه الصفات أو الأمراض، للوقوف على نسبة حدوثها مرة أخرى.
كثيرا ما يمر علينا بعض حالات لزواج الاقارب تظهر فيها امراض لم تكن موجوده لولاها