غادر عمار (15 عاماً) الناجي الوحيد من حريق فيلا الحميدية بإمارة عجمان، الذي شبّ صباح أول من أمس، مستشفى خليفة متوجهاً إلى أهل أمه في رأس الخيمة، وفق مصادر أبلغت «الإمارات اليوم»، أن الفتى أصر على الخروج وتم توقيعه على تعهد كتابي بذلك. وأسفر الحريق الذي شب أثناء نوم سكان المنزل عن وفاة جميع أفراد أسرة مواطنة تتكون من أم وبناتها الثلاث، فضلاً عن خادمتين، فيما عدا عمار الذي تعرض لاختناق من أثر الدخان، لكن تمكنت فرق الدفاع المدني من إنقاذه ونقله إلى المستشفى، وخضع لعلاج استمر قرابة ساعتين.
فيما كشف مدير عام إدارة الدفاع المدني في عجمان، العميد صالح المطروشي، أن النيران ظلت مشتعلة فترة طويلة من 30 إلى 50 دقيقة داخل المنزل قبل أن تبلغ الأم الدفاع المدني، عازياً ذلك إلى نوم أفراد الأسرة، كما لفت إلى أن البيت لا يوجد به سوى مخرج واحد رئيس أغلقته النيران التي انطلقت شرارتها في الصالة من مكيف قريب من الباب، ما أدى إلى تفاقم الخسائر في الأرواح على الأرجح.
حراسة
حرص عدد من سكان المناطق القريبة في إمارة عجمان على زيارة المنزل المحترق، وأعرب عدد منهم عن تعاطفه مع الفتى (عمار)، مشيرين إلى أنهم قرأوا التفاصيل في الصحف ولم يصدقوا حجم المأساة، فقرروا القدوم إلى المنزل لمشاهدته بأنفسهم. فيما خصصت شرطة عجمان أحد أفرادها لحراسة المنزل من داخل سيارة تقف بالقرب من البوابة الرئيسة لإبعاد الفضوليين، حرصاً على الأدلة في مسرح الحادث، وظهر من البوابة الخارجية باب المنزل المكسور في الفناء الأمامي وعلامات الحريق تظهر من نوافذ زجاجية انكسرت بفعل ضغط النيران.
وأكد جيران في المنطقة التي شهدت الحريق أن الأم المتوفاة وأبناءها كانوا يتمتعون بالطيبة وحسن المعاملة، وانتقلوا إلى المنزل منذ نحو ثلاث سنوات، وكانوا على علاقة جيدة مع الجميع وإن كان يشوبها نوع من التحفظ، لأن الأم كانت أرملة ويقتصر اهتمامها بأبنائها.
وتفصيلاً، ذكرت مصادر طبية أن عمار (15 عاماً) خضع لفحوص طبية للتأكد من عدم تأثره بالمواد الناتجة عن دخان الحريق واستمر ساعات قليلة في مستشفى خليفة، ونصح الأطباء ببقائه فترة تحت الإشراف الطبي، لكنه أصر على المغادرة مع عدد من أقاربه.
وأفادت المصادر بأن الفتى يتيم الأب كان مصاباً بنوع من الذهول والصدمة من وقع الحريق الذي حرمه أمه وجميع شقيقاته، مشيرة إلى أن حالة من الحزن خيمت على جميع المحيطين به لإدراكهم حجم المأساة التي يعانيها الابن، بعد أن فقد جميع أفراد عائلته.
وخلال زيارة «الإمارات اليوم» للمنطقة التي شهدت الحريق، ذكر أصدقاء عمار الذين كانوا يصلون في مسجد عبدالله الرميثي المجاور للمنزل أنهم يفتقدونه، إذ دأب على الصلاة معهم جميع الصلوات خلال شهر رمضان في المسجد، مؤكدين أنه يتمتع بحسن الخلق والأدب الشديد في التعامل مع الآخرين، سواء في مدرسة راشد بن حميد التي يدرس بها في الصف العاشر أو مع أصدقاء المنطقة.
وقال (أبومحمد)، صاحب المنزل الملاصق للفيلا المحترقة، إنه لم يتخيل الكارثة حين سمع الجلبة في الخارج، لافتاً إلى أنه شاهد ألسنة النيران تتصاعد من المنزل، ومن ثم حضرت فرق الإطفاء، مؤكدا أن ما حدث مأساة تركت المنطقة في حالة حزن شديد.
وكان الدفاع المدني في عجمان تلقى بلاغاً في الساعة 56: 8 من الأم، لكنها لم تدل بمعلومات كافية، فتحركت فرق الإطفاء والإنقاذ سريعاً لتمشيط المناطق المحيطة، وتعرفت إلى مكان الحريق من خلال الدخان الذي تصاعد من المنزل. وعثرت في موقع الحريق على ثلاث جثث، الأولى للأم وجثتان لخادمتين إحداهما إثيوبية، والأخرى إندونيسية في الطابق الأسفل من الفيلا، الذي شبت فيه النيران أولاً على الأرجح، فيما عُثر على ثلاث جثث أخرى لفتيات تبلغ أعمارهن 11 و14 و17 عاماً، توفين نتيجة الاختناق بالدخان في غرفة نومهن بالطابق الثاني.
إلى ذلك، قال مدير عام الدفاع المدني في عجمان، العميد صالح المطروشي لـ«الإمارات اليوم»، إن هناك أسباباً رئيسة أدت إلى تفاقم حجم الكارثة ووفاة هذا العدد الكبير من سكان المنزل، أبرزها أن البلاغ جاء متأخراً، فضلاً عن أن المعلومات التي وردت كانت شحيحة للغاية.
تلافي الحرائق
قال مدير عام الدفاع المدني في عجمان، العميد صالح المطروشي، إن هناك أموراً مهمة يجب أن تحرص عليها الأسر ولا تنتظر رقابة من الدفاع المدني أو أي جهة أخرى، أهمها اختيار أنواع جيدة من الكابلات والتوصيلات الكهربائية وعدم وضع أحمال زائدة على تلك التوصيلات، سواء بإضافة مكيفات أو أجهزة كهربائية أخرى، لافتا إلى أن الحريق اشتعل غالبا بسبب خلل في التوصيلات الكهربائية نتيجة زيادة الأحمال أو رداءة الكابلات، وهو الأمر الذي ستحدده التحقيقات.
وأضاف أن من المهم كذلك وجود مخارج عدة للمنزل وتخصيص بعضها للطوارئ، لضمان سرعة الخروج في حالة حدوث حريق مثل هذا، فضلا عن إمكانية تزويده بجهاز إنذار مبكر يتعامل مع النيران، أو على الأقل يحذر أفراد المنزل في حالة كانوا نائمين في مثل هذه المأساة.
وأشار إلى أن من أهم الإجراءات الوقائية، والتي يستهين بها البعض، وجود طفاية حريق بالمنزل، لأن معظم النار تأتي من مستصغر الشرر والحرائق تبدأ دائما صغيرة يمكن التعامل معها إذا كانت هناك طفاية في المنزل، مؤكداً كذلك أهمية تدريب فرد أو اثنين على كيفية استخدامها والتعامل المباشر مع الحرائق.
لافتاً إلى أنأ هناك مؤشرات قوية تدل على أن النيران ظلت مشتعلة فترة طويلة تراوح بين 30 و50 دقيقة على الأقل قبل الإبلاغ، إذ فوجئت فرق الإطفاء حين وصولها بأن النيران أتت على كل محتويات المنزل من الداخل، لدرجة أن مراوح السقف سقطت والأجهزة الكهربائية انصهرت، بل إن باب المنزل الذي يحتاج الى نصف ساعة على الأقل حتى تؤثر فيه النيران كان محترقاً بالكامل.
وأضاف المطروشي أن النيران اشتعلت سريعاً داخل المنزل ولم تخرج منه نظرا لأن جميع منافذه كانت مغلقة، مرجحاً أن جميع أفراد الأسرة كانوا نائمين حين شب الحريق، ولم تشعر الأم به إلا حين اقتربت منها النيران، ما دفعها إلى الاتصال بسرعة بالعمليات، لكن طالتها النيران قبل أن تدلي بكل المعلومات المطلوبة.
وأشار إلى أن الجيران أنفسهم لم يشعروا بوجود حريق إلا بعد فترة من الوقت، نظرا لعدم خروج دخان من المنزل بسبب انغلاق جميع منافذه، لافتاً إلى أن أحد الجيران هو أول من انتقل إلى المكان وكسر الباب، ما أدى إلى خروج الدخان من المنزل الذي لم يتأثر من الخارج إطلاقاً، ويبدو للناظر أنه لم يتعرض لكارثة بهذا الحجم، متوقعا أن يكون بقاء الدخان فترة طويلة محبوساً بالداخل هو سبب اختناق الفتيات الثلاث في غرف نومهن بالطابق العلوي.
وأوضح المطروشي أن من الأسباب البارزة للمأساة عدم وجود مخارج كافية في المنزل، لافتا إلى وجود باب رئيس واحد للفيلاأ يقع بالقرب من مكيف كبير انطلقت منه الشرارة الأولى غالبا للحريق، ما أدى إلى محاصرة أفراد الأسرة بالداخل ومنعهم من الاقتراب من الباب، نظراً لأن النيران كانت تحول دون خروجهم.
وأكد أن فرق الدفاع المدني وصلت إلى المنزل خلال دقائق معدودة وتعاملت سريعا من الحريق، لكن للأسف كانت النيران أتت على جميع محتوياته من الداخل قبل وصولهم، واستطاعوا إنقاذ الابن عمار، فيما اختنقت شقيقاته في الطابق الأعلى، واحترقت أمه وخادمتان في الطابق الأسفل. وكشف المطروشي أن المنازل السكنية في عجمان لا تخضع لاشتراطات الدفاع المدني، مشيرا إلى أن الإدارة ستتقدم بطلب لإخضاع كل المنازل والمنشآت لقانون الدفاع المدني، حتى تضمن توافر عوامل الأمن والسلامة بها واستيفاءها للاشتراطات المطلوبة، وأهمها وجود مخارج كافية للطوارئ.
ربي يرحمهم و يغفر لهم و مثواهم الجنه ان شاء الله ..
و يصبر عمار و يعينه و يوفقه ..
و تسلمين ع الخبر ..
و نترقب يديدج ^_^